نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 93
دونها أو فوقها بقليل ، وأما قرن التابعين فآخر من توفي منهم كان عام 170 أو 180 وآخر من عاش من أتباع التابعين ممن يقبل قوله ، من توفي حدود 220 ، فيقل عن ثلاثة قرون بثمانين سنة ، وهذا كثير جدا ، ولأجل عدم انطباقه على ثلاثة قرون قال ابن حجر العسقلاني : " وفي هذا الوقت 220 ه ظهرت البدع فاشيا ، وأطلقت المعتزلة ألسنتها ، ورفعت الفلاسفة رؤوسها ، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن ، وتغيرت الأحوال تغيرا شديدا ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن " [1] . ولو افترضنا أن القرن يستعمل في مائة سنة فلا يصح تفسير الحديث به ، لأن المحور في الحديث في تمييز قرن عن قرن آخر هو الأشخاص حسب أعمارهم ، فعلى ذلك يجب أن يكون الملاك في تبادل القرون وتمايزها ملاحظة من كانوا يعيشون فيه حيث قال : " خير أمتي قرني " ولم يقل القرن الأول ، ثم قال : " ثم الذين يلونهم " فلم يقل ثم القرن الثاني ، وقال : " ثم الذين يلونهم " ولم يقل القرن الثالث ، فلا محيص عند حساب السنين ملاحظة الأشخاص الذين كانوا يعيشون في قرنه والقرنين اللذين يليانه . * * * الثالث : ماذا يراد من عبارة خير القرون وشرها ، وما هو الملاك في الوصف بالخير والشر ؟ هناك ثلاثة ملاكات للاتصاف بالخير والشر ، كلها محتمل : 1 - إن أهل القرن الأول كانوا خير القرون ، وذلك لأنهم لم يدب فيهم دبيب الخلاف في الأصول والعقائد ، وكانوا متماسكين في الأصول ، متحدين في العقائد . 2 - كونهم خير القرون وذلك لسيادة الطمأنينة فيهم ، وكان الجميع متظلل بظل الصلح والسلم إخوانا .