نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 82
من دون الله ، وقد فسره النبي الأكرم بأنهم كانوا يحرمون ما أحل الله فيتبعونهم أتباعهم ، أو يحللون ما حرم الله عليهم فيقبلونه بلا تردد ، ومن المعلوم أن الأحبار والرهبان كانوا يعرفون ما تخيلوه من الحرام والحلال على أنه حكم الله سبحانه ، وليس هذا إلا بدعة في الشرع ، وتدخلا في أمر الشريعة . وإذا تدبرت في هذه الآيات وأمثالها يتضح لك أن الآيات تدور حول محور واحد هو البدعة في الدين لا مطلقها ، ولا يضر عدم ذكر القيد في اللفظ ، إذ هو مفهوم من القرائن القطعية . ثم إن في قوله : { إلا ابتغاء رضوان الله } وجهين : فمنهم من يجعله استثناء منقطعا ، أي ما كتبنا عليهم الرهبانية وإنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله ، ومنهم من يجعله استثناء متصلا ، بمعنى أنه سبحانه كتب عليهم أصل الرهبانية ، لأجل كسب رضوان الله ، ولكنهم لم يراعوا حقها ، فتكون البدعة على الأول نفس الرهبانية وعلى الثاني الخروج عن حدودها . هذا كله حول الآيات ، وأما السنة ، ففيها قرائن كثيرة تعطي نفس المفهوم الذي أعطته الآيات ، وإليك تلك القرائن . 1 - ففي الرواية الأولى يبتدئ النبي كلامه بقوله : " أصدق الحديث كتاب الله ، وأفضل الهدى هدي محمد " وهذا يدل على أن ما اتخذه النبي موضوعا للبحث هو ما يرجع إلى كتاب الله وهدي نبيه ، فإذا قال بعده : " وشر الأمور محدثاتها " يكون المراد ما دخل في الشريعة من أمور ، وإذا قال : " كل بدعة ضلالة " ، أي البدعة فيما يتكلم عنه ، ومن المعلوم أنه يتكلم عن دعوته وشريعته ، فتحوير كلامه إلى مطلق البدعة ، وإن لم يمس الكتاب والسنة ، تأويل للظاهر بلا دليل . 2 - ثم إنه ( صلى الله عليه وآله ) يحكم على كل بدعة بالضلال ، ومن المعلوم أنه لا يصدق إلا على البدعة في الشريعة ، وأما غيرها فهي على أقسام كما قالوا .
82
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 82