نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 603
وأما الكتاب فقوله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك } الآية دالة على الحث بالمجئ إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، والاستغفار عنده ، واستغفاره لهم وهذه رتبة لا تنقطع بموته ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد حصل استغفاره لجميع المؤمنين ، لقوله تعالى : { استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } فإذا وجد مجيئهم ، فاستغفارهم ، كملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ولرحمته . وقوله : { واستغفر لهم } معطوف عليه قوله : { جاءوك } فلا يقتضي أن يكون استغفار الرسول بعد استغفارهم مع أنا لا نسلم أنه لا يستغفر بعد الموت ، لما سبق الدليل على حياته وعلى استغفاره لأمته بعد الموت عند عرض أعمالهم عليه ، ويعلم من كمال رحمته أنه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفرا ربه . والعلماء فهموا من الآية العموم لحالتي الموت والحياة ، واستحبوا لمن أتى القبر أن يتلوها ويستغفر الله تعالى ، وحكاية الأعرابي في ذلك نقلها جماعة من الأئمة عن العتبى ، واسمه محمد بن عبد الله بن عمرو ، أدرك ابن عيينة وروى عنه ، وهي مشهورة حكاها المصنفون في المناسك من جميع المذاهب ، واستحسنوها ، ورأوها من أدب الزائر ، وذكرها ابن عساكر في تاريخه ، وابن الجوزي في مثير الغرام الساكن ، وغيرهما بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي ، قال : دخلت المدينة ، فأتيت قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فزرته وجلست بحذائه ، فجاء أعرابي فزاره ، ثم قال : يا خير الرسل إن الله أنزل عليك كتابا صادقا قال فيه : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم - إلى قوله - رحيما } وإني جئتك مستغفرا ربك من ذنوبي ، متشفعا بك ، وفي رواية : وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ، ثم بكى وأنشأ يقول : يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم استغفر وانصرف ، قال : فرقدت فرأيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في نومي وهو يقول : إلحق
603
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 603