نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 577
حتى أصبه على السد بين الجبلين وينسد بذلك النقب ويصير جدارا مصمتا ، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس الذائب . ففي المورد وأضرابه التي بنيت عليها الحياة الإنسانية في هذا الكوكب ، لا يشترط بين الوسيلة والهدف سوى الرابطة الطبيعية أو العادية التي كشف عنها العلم والتجربة وأما التوسل في الأمور الخارجة عن نطاق الأمور العادية ، فبما أن التعرف على أسبابه خارج عن إطار العلم والتجربة بل يعد من المكنونات الغيبية ، فلا يقف عليها الإنسان إلا عن طريق الشرع وتنبيه الوحي ، وبيان الأنبياء والرسل وما ذاك إلا لأنهم هم الذين يرفعون الستار عن وجه الحقيقة ويصرحون بالوسيلة ويبينون بأن هناك صلة بينها وبين ما يبغيه الإنسان المتوسل . وهذا الأصل يبعثنا إلى أن لا نتوسل بشئ فيما نبتغيه من رضا الرب ، وغفران الذنوب واستجابة الدعاء ونيل المنى ، إلا عن طريق ما عينه الشارع وصرح بأنه وسيلة لذلك الأمر ، فالخروج عن ذلك الإطار يسقطنا في مهاوي التشريع ومهالك البدع التي تعرفت على مضاعفاتها . فالمسلمون سلفهم وخلفهم ، صحابيهم وتابعيهم ، والتابعون لهؤلاء بإحسان في جميع الأعصار ما كانوا يخرجون عن ذلك الخط الذي رسمناه ، فما ندب إليه الشرع في مجال التوسل يأخذون به ، وما لم يذكره ، أو نهى عنه يتركونه ، ولا اعتبار بالبدع المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان . وها نحن نتلو عليك التوسلات المشروعة التي ندب إليها الشرع ، وحث عليها النبي الأكرم وخلفاؤه مجتنبين عن الإسهاب في الكلام ، مقتصرين على اللب تاركين القشر .
577
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 577