responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 576


والمقصود من التوسل في المقام ، هو أن يقدم العبد إلى ربه شيئا ، ليكون وسيلة إلى الله تعالى لأن يتقبل دعاءه ويجيبه إلى ما دعا ، وينال مطلوبه ، مثلا إذا ذكر الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ومجده وقدسه وعظمه ، ثم دعا بما بدا له ، فقد اتخذ أسماءه وسيلة لاستجابة دعائه ونيل مطلوبه ، ومثله سائر التوسلات ، والتوسل بالأسباب في الحياة أمر فطري للإنسان ، فهو لم يزل يدق بابها ليصل إلى مسبباتها ، وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " أبى الله أن تجري الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شئ سببا " [1] .
إن الوسيلة إذا كانت وسيلة عادية للشئ وسببا طبيعيا له ، فلا يشترط فيها إلا وجود الصلة العادية بين الوسيلة والمتوسل إليه ، فمن يريد الشبع فعليه الأكل ولا يريحه شرب الماء ، إذ لا صلة بين شرب الماء ، وسد الجوع ، فالعقلاء في حياتهم الدنيوية ينتهجون ذلك المنهج بوازع فطري ، أو بعامل تجريبي ، نرى أن ذا القرنين عندما دعي إلى دفع شر يأجوج ومأجوج اللذين كانوا يأتيان من وراء الجبل ويفسدان ويقتلان ويغيران عليهم ، لبى دعوتهم وتمسك بالسبب الطبيعي القويم الذي يدفع به شرهم فخاطبهم بقوله : { آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا } [2] .
ففي هذا الموقف العصيب توسل ذو القرنين - ذلك الإنسان الإلهي - بسبب طبيعي ، إذ إنه وقف على الصلة بين الوسيلة وما يهدف إليه ، وهو سد الوديان بقطع الحديد حتى إذا ساوى بين الجبلين أمر الحدادين أن ينفخوا في نار الحديد التي أوقدت فيه حتى جعله نارا ، وعند ذلك قال : إئتوني نحاسا مذابا أو صفرا مذابا ،



[1] الكافي 1 : 183 .
[2] الكهف : 96 - 97 .

576

نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني    جلد : 1  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست