نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 542
الله فقد عبد غير الله . [1] فليس المراد من العبادة هنا : العبادة المصطلحة ، بل استعيرت في المقام لمن يجعل نفسه تحت اختيار الناطق . وعلى ذلك فيكون المراد من النهي عن دعوة الغير هو الدعوة الخاصة المقترنة بالاعتقاد ، أي كون المدعو ذا اختيار تام في التصرف في الكون وقد فوض إليه شأن من شؤونه سبحانه . فإذا كان طلب الشفاعة مقترنا بهذه العقيدة فإنه يعد عبادة للمشفوع إليه . وإلا فيكون طلب الحاجة كسائر الطلبات من غيره سبحانه الذي لا يشك ذو مسكة في عدم كونه عبادة . وبعبارة أخرى : طلب الشفاعة إنما يعد عبادة للشفيع إذا كان مقرونا بالاعتقاد بألوهيته وربوبيته ، وأنه مالك لمقام الشفاعة أو مفوض إليه ، يتصرف فيها كيف يشاء ، وأما إذا كان الطلب مقرونا باعتقاد أنه عبد من عباد الله الصالحين يتصرف بإذنه سبحانه للشفاعة ، وارتضائه للمشفوع له ، فلا يعد عبادة للمدعو ، بل يكون وزانه وزان سائر الطلبات من المخلوقين ، فلا يعد عبادة بل طلبا محضا ، غاية الأمر لو كان المدعو قادرا على المطلوب يكون الدعاء - عقلا - أمرا صحيحا ، وإلا فيكون لغوا . فلو تردى إنسان وسقط في قعر بئر وطلب العون من الواقف عند البئر القادر على نجاته وإنقاذه ، يعد الطلب أمرا صحيحا ، ولو طلبه من الأحجار المنضودة حول البئر يكون الدعاء والطلب منها لغوا مع كون الدعاء والطلب هذا في الصورتين غير مقترن بشئ من الألوهية والربوبية في حق الواقف عند البئر ، ولا الأحجار المنضودة حولها .