نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 541
من الله سبحانه خاصة ، ويوضح ذلك قوله سبحانه : { ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } [1] ، فقد عبر عن العبادة في الآية بلفظ الدعوة في صدرها وبلفظ العبادة في ذيلها ، وهذا يكشف عن وحدة التعبيرين في المعنى . وقد ورد قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " الدعاء مخ العبادة " . على هامش السؤال لا أظن أن أحدا على وجه البسيطة يجعل الدعاء مرادفا للعبادة . وإلا لم يمكن تسجيل أحد من الناس - حتى الأنبياء - في ديوان الموحدين ، فلا بد أن يقترن بالدعاء شئ آخر ، ويصدر الدعاء عن عقيدة خاصة في المدعو وإلا فمجرد دعوة الغير حيا كان أو ميتا ، لا يكون عبادة له . هل ترى أن الشاعرة التي تخاطب شجر الخابور بقولها : أيا شجر الخابور ما لك مورقا * كأنك لم تجزع على ابن طريف أنها عبدته ؟ كلا ثم كلا . إن العمل لا يتسم بالعبادة إلا إذا كانت في نية الداعي عناصر تضفي عليه صفة العبادة وحدها ، وهو الاعتقاد بألوهية المدعو وربوبيته وإنه المالك لمصيره في عاجله وآجله ، وإن كان مخلوقا أيضا . والمراد من الدعاء في قوله تعالى : { فلا تدعوا مع الله أحدا } ليس مطلق دعوة الغير ، بل الدعوة الخاصة المضيقة المترادفة للعبادة ، ويدل عليه قوله سبحانه في نفس هذه الآية : { وأن المساجد لله } . وما ورد في الحديث من " أن الدعاء مخ العبادة " فليس المراد منه مطلق الدعاء ، بل المراد دعاء الله مخ العبادة . كما أن ما ورد في الروايات من أنه : من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان ينطق عن غير