نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 509
إلى القرآن [1] . ولا شك أن ظرف شفاعة هذه الأمور إنما هو الحياة الدنيوية ، فإن تعاليم الأنبياء وقيادتهم الحكمية وهداية القرآن وغيره ، إنما تتحقق في هذه الحياة الدنيوية ، وإن كانت نتائجها تظهر في الحياة الأخروية ، فمن عمل بالقرآن وجعله أمامه في هذه الحياة ، قاده إلى الجنة في الحياة الأخروية . ولأجل ذلك نرى أن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) يأمر الأمة بالتمسك بالقرآن ويصفه بالشفاعة ويقول : " فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدل على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبرهان " [2] . فإن قوله : " ومن جعله أمامه " ، تفسير لقوله : " فإنه شافع مشفع " . والحاصل : أن الشفاعة القيادية شفاعة بالمعنى اللغوي ، فإن المكلفين بضم هداية القرآن وتوجيهات الأنبياء والأئمة إلى إرادتهم وطلباتهم ، يفوزون بالسعادة ويصلون إلى أرقى المقامات في الحياة الأخروية ويتخلصون عن تبعات المعاصي ولوازمها . فالمكلف وحده لا يصل إلى هذه المقامات ، ولا يتخلص من تبعات المعاصي ، كما أن خطاب القرآن والأنبياء وحده - من دون أن يكون هناك من يسمع قولهم ويلبي نداءهم - لا يؤثر ما لم ينضم عمل المكلف إلى هدايتهم ، وهدايتهم إلى عمل المكلف فعندئذ تتحقق هذه الغاية .