نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 508
ترجع الآية ، وتنص على سعة قدرته على جميع ما خلق وإحاطته بهم ، وأنه بعدما خلق السماوات والأرض ، استوى على عرش القدرة وأخذ يدبر العالم . وعند ذلك يتساءل القارئ : إذا كان الله جل وعلا هو المدبر والمؤثر فما حال سائر المدبرات والمؤثرات التي يلمسها البشر في حياته ؟ فللإجابة على هذا السؤال قال سبحانه : { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } مصرحا بأن كل تأثير وتدبير في سبب من الأسباب إنما هو بإذنه ومشيئته ، ولولا إذنه ومشيئته لما قام السبب بالسببية ، ولا العلة بالعلية ، وهذه القرائن توجب حمل هذه الجملة على ما يجري في عالم الكون والوجود من التأثير والعلية ، وتفسيرها بالشفاعة التكوينية ، وأن كل ظاهرة مؤثرة كالشمس والقمر والنار والماء لا تؤثر إلا بالاستمداد من قدرته سبحانه والاعتماد على إذنه ومشيئته حتى يتم بذلك التوحيد في الخالقية والتدبير . ب - الشفاعة القيادية وهو قيام قيادة الأنبياء والأولياء والأئمة والعلماء والكتب السماوية مقام الشفيع والشفاعة في تخليص البشر من عواقب أعمالهم وآثار سيئاتهم . والفرق بين الشفاعة المصطلحة والشفاعة القيادية هو أن الشفاعة المصطلحة توجب رفع العذاب عن العبد بعد استحقاقه له ، والشفاعة القيادية توجب أن لا يقع العبد في عداد العصاة حتى يستحق . والظاهر أن إطلاق الشفاعة على هذا القسم ليس إطلاقا مجازيا ، بل إطلاق حقيقي . وقد شهد بذلك القرآن والأخبار ، قال سبحانه : { وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون } [1] . والضمير المجرور في { به } يرجع