نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 46
لا بالذات ، وبنحو الاستقلال ، فإذا كانت الاستعانة - على النحول الأول - خاصة بالله تعالى ، فإن ذلك لا يدل على أن الاستعانة بصورتها الثانية مخصوصة به أيضا . ثانيا : إن استعانة - كهذه - غير منفكة عن الاستعانة بالله ، بل هي عين الاستعانة به تعالى ، وليس في نظر الموحد ( الذي يرى أن الكون كله من فعل الله ومستندا إليه ) مناص من هذا . وأخيرا نذكر القارئ الكريم بأن مؤلف المنار حيث إنه لم يتصور للاستعانة بالأرواح إلا صورة واحدة لذلك اعتبرها ملازمة للشرك فقال : " ومن هنا تعلمون : إن الذين يستعينون بأصحاب الأضرحة والقبور على قضاء حوائجهم وتيسير أمورهم وشفاء أمراضهم ونماء حرثهم وزرعهم ، وهلاك أعدائهم وغير ذلك من المصالح هم عن صراط التوحيد ناكبون ، وعن ذكر الله معرضون " [1] . ويلاحظ عليه : أن الاستعانة بغير الله ( كالاستعانة بالعوامل الطبيعية ) على نوعين : إحداهما عين التوحيد ، والأخرى موجبة للشرك ، إحداهما مذكرة بالله ، والأخرى مبعدة عن الله . إن حد التوحيد والشرك ليس هو كون الأسباب ظاهرية أو غير ظاهرية ، وإنما هو استقلال المعين وعدم استقلاله . وبعبارة أخرى المقياس : هو الغنى والفقر ، هو الأصالة وعدم الأصالة . إن الاستعانة بالعوامل غير المستقلة المستندة إلى الله ، التي لا تعمل ولا تؤثر إلا بإذنه تعالى غير موجبة للغفلة عن الله ، بل هو خير موجه ، ومذكر بالله . إذ معناها : انقطاع كل الأسباب وانتهاء كل العلل إليه .