نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 410
مرة أخرى من جديد ؟ فرد القرآن الكريم هذا الاستبعاد والاعتراض بجملتين هما : 1 - { بل هم بلقاء ربهم كافرون } [1] . 2 - { قل يتوفاكم ملك الموت } [2] . فلا شك أن الجملة الأولى ليست هي الجواب على اعتراضهم حول إمكانية إعادة المعدوم من أجزاء الجسد ، بل هي توبيخ لهم على إنكارهم لقاء الله وكفرهم بذلك ، وإنما ترى الجواب الواقعي على ذلك في الجملة الثانية ، وحاصله هو : أن ما يضل من الآدمي بسبب الموت إنما هو الجسد وهذا ليس حقيقة شخصيته ، فجوهر شخصيته باق ، وإن الذي يأخذه ملك الموت وينتزعه من الجسد ليس إلا الجانب الأصيل الذي به تناط شخصيته وهو محفوظ عندنا . إذن فالضال في التراب من الإنسان - بسبب الموت - هو القشر والبدن ، وأما حقيقته وهي الروح الإنسانية التي بها قوام شخصيته ، فلا يطالها الفناء ولا ينالها الدثور . التوفي في الآية ليس بمعنى الإماتة ، بل بمعنى الأخذ والقبض والاستيفاء ، نظير قوله سبحانه : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } [3] وقوله تعالى : { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار } [4] ومن قولهم " وافاه الأجل " وبعبارة أخرى : لو ضل بالموت كل شئ من وجودكم لكان لاستبعادكم إمكان إعادة الإنسان وجه مقبول .