نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 408
ويتجاهل حتى أعضاءه الداخلية والخارجية ويجعل نفسه في فراغ من كل شئ وعندئذ يستشعر بذاته ، أي سيدرك شيئا غير جسمه وأعضائه وأفكاره وبيئته التي أحاطت به ، وتلك هي " الذات الإنسانية " أي الروح أو النفس الإنسانية التي لا يمكن أن تفسر بشئ من الأعضاء والحواس والقوى . وهذه البينونة أظهر دليل على أن للإنسان وراء جسمه وأعضائه المغفول عنها في بعض الظروف ، حقيقة واقعية غير مغفول عنها أبدا ، وأن الإنسان ليس هو جسمه وأعضاؤه وخلاياه . وقد لخص الرازي هذا البرهان وقال : إني أكون عالما بأني " أنا " حال ، أكون غافلا عن جميع أجزائي وأبعاضي ، والمعلوم ، غير ما هو غير معلوم فالذي أشير إليه بقولي مغاير لهذه الأعضاء والأبعاض [1] . إلى هنا اكتفينا بالبراهين الواضحة التي يسهل التمعن فيها لكل إنسان واع وإن لم يدخل مدرسة كلامية أو فلسفية ، وبذلك استغنينا عن البراهين المعقدة التي أقامها الفلاسفة على وجود الروح في كتبهم ، وبما أن رسالتنا في هذه البحوث مقتصرة على الاعتماد على الكتاب والسنة ، لذلك ندرس واقع الإنسان وحقيقته على ضوء ذينك المصدرين ونكتفي في هذا الحقل بآيات ثلاث . القرآن وحقيقة الشخصية الإنسانية : إذا استعرضنا آيات القرآن الكريم نقف على أنها تدل تارة بوضوح وأخرى بالإشارة على أن واقع الإنسان وشخصيته غير جسمه المادي ، ونحتج في المقام بآيات :