نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 407
شك أن الإنسان من حيث هو هو أمر باق من أول عمره ، والباقي غير ما هو غير باق ، والمشار إليه عند كل أحد بقوله " أنا " وجب أن يكون مغايرا لهذا الهيكل [1] . علم الإنسان بنفسه مع غفلته عن بدنه : ترى الإنسان يغفل في ظروف خاصة عن كل شئ حتى عن بدنه وأعضائه ، لكنه لا يغفل عن نفسه ، وهذا برهان تجريبي يمكن لكل منا القيام به ، وبذلك يصح القول بأن للإنسان وراء جسمه المادي حقيقة أخرى ، حيث إنه يغفل عن الأولى ولا يغفل عن الثانية ، وبتعبير علمي : المغفول ، غير المغفول عنه ، وإليك توضيح ذلك : إن إدراك هذه الحقيقة ( يغفل عن كل شئ حتى جسمه ولا يغفل عن نفسه ) يتوقف على ظروف خاصة بالشكل التالي : 1 - أن يكون في جو لا يشغله فيه شاغل ولا يلفت نظره لافت . 2 - أن يتصور أنه وجد في تلك اللحظة بالذات وأنه كان قبل ذلك عدما ، وما هذا إلا ليقطع صلته بماضيه وخواطره قطعا كاملا . 3 - أن يكون صحيح العقل سليم الإدراك ، في تلك اللحظة . 4 - أن لا يكون مريضا لا يلفت المرض انتباهه إليه . 5 - أن يستلقي على قفاه ويفرج بين أعضائه وأصابع يديه ورجليه حتى لا تتلامس فتجلب انتباهه إليها . 6 - أن يكون في هواء طلق معتدل لا حار ولا بارد ويكون كأنه معلق في الفضاء حتى لا يشغله وضع المناخ ، أو يلفته المكان الذي يستند إليه . ففي هذه الحالة التي يقطع الإنسان كل صلاته بالعالم الخارجي عن نفسه تماما