نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 218
إن قوله سبحانه : { الطلاق مرتان } ظاهر في لزوم وقوعه مرة بعد أخرى لا دفعة واحدة وإلا يصير مرة ودفعة ، ولأجل ذلك عبر سبحانه بلفظ " المرة " ليدل على كيفية الفعل وأنه الواحد منه ، كما أن الدفعة والكرة والنزلة ، مثل المرة ، وزنا ومعنى واعتبارا . وعلى ما ذكرنا فلو قال المطلق : أنت طالق ثلاثا ، لم يطلق زوجته مرة بعد أخرى ، ولم يطلق مرتين ، بل هو طلاق واحد ، وأما قوله " ثلاثا " فلا يصير سببا لتكرره ، وتشهد بذلك فروع فقهية لم يقل أحد من الفقهاء فيها بالتكرار بضم عدد فوق الواحد . مثلا اعتبر في اللعان شهادات أربع ، فلا تجزي عنها شهادة واحدة مشفوعة بقوله " أربعا " . وفصول الأذان المأخوذة فيها التثنية ، لا يتأتى التكرار فيها بقراءة واحدة وإردافها بقوله : " مرتين " . ولو حلف في القسامة وقال : " اقسم بالله خمسين يمينا أن هذا قاتله " كان هذا يمينا واحدا . ولو قال المقر بالزنا : " أنا أقر أربع مرات أني زنيت " كان إقرارا واحدا ، ويحتاج إلى ثلاثة إقرارات أخرى ، إلى غير ذلك من الموارد التي لا يكفي فيها العدد عن التكرار . قال الجصاص : { الطلاق مرتان } ، وذلك يقتضي التفريق لا محالة ، لأنه لو طلق اثنتين معا لما جاز أن يقال : طلقها مرتين ، وكذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال : أعطاه مرتين ، حتى يفرق الدفع ، فحينئذ يطلق عليه ، وإذا كان هذا هكذا ، فلو كان الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلق بالتطليقتين من بقاء الرجعة لأدى ذلك إلى إسقاط فائدة ذكر المرتين ، إذ كان هذا الحكم ثابتا في المرة الواحدة إذا طلق اثنتين ، فثبت بذلك أن ذكر المرتين إنما هو أمر بإيقاعه مرتين ، ونهى عن الجمع بينهما في مرة واحدة [1] .