نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 135
سائر الكيفيات بل كان التخصيص تابعا لعوامل داخلة في حياة الإنسان . وأما الأسباب التي اتخذها ذريعة للحكم بالبدعة فإليك دراستها : أما السبب الأول : أعني قوله : " إن فيها تخصيصا بغير مخصص من الشرع " فغير مضر ، إذ التخصيص إنما يكون بدعة إذا نسبه إلى الشرع ، دون ما كان نتيجة ظروف فرضت عليه اختيار هذا الفرد مع الاعتراف بأنه مثل سائر الأفراد . وأما السبب الثاني : أعني قوله : " إن مثل هذه الأمور عمل اشتبه أمره . . . " فهو مثل الأول ، فإنه مشتبه لمن لم يدرس البدعة حقها دون من درسها . وأما السبب الثالث : أعني قوله : " مخالفة السنة حيث ترك مثل هذا العمل . . . " فذلك لأن تركهم لا يكون حجة على كون العمل بدعة بعد افتراض سعة رقعة الدليل ، وتركهم فردا خاصا لا يدل على عدم مشروعيته ، إذ لم يكونوا يعانون من الإتيان بسائر الأفراد فلأجله تركوا ذاك الفرد ، بخلاف الإنسان الذي فرضت الظروف عليه مداومة هذا الفرد أو كان نشاطه محفوظا فيه دون سائر الأفراد . ولو صح ما ذكره يجب ترك المسنونات أحيانا ، لئلا يتخيل الجاهل أنها فريضة ، فعلى من يرى القبض في الصلاة سنة ، تركه في حين بعد حين ، دفعا لعادية الجهل . وعلى من يقيم صلاة التراويح جماعة تركها والإتيان بها فرادى ، لئلا يعتقد الجاهل أن التشريع مختص بالجماعة . إلى غير ذلك من المضاعفات التي لا يلتزم بها الشاطبي وغيره . فجهل الجاهل ، لا يكون سببا لترك المسنون ، لأنه لو قصر في التعليم فما ذنب من يريد الإتيان به وإنما علينا دفع عاديته . وبذلك يظهر حسن إتيان المساجد التي صلى النبي فيها ، وذلك لعموم الدليل الشامل لتمام المساجد التي صلى فيها أم لم يصل ، وإنما يختار ذلك لأجل التبرك الذي تضافر النص بجوازه ، وليس تخصيصها
135
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 135