نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 105
وروى الترمذي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك ابن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك بن قيس : لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى . فقال سعد : بئس ما قلت يا بن أخي ! فقال الضحاك : فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك . فقال سعد : قد صنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصنعناها معه . هذا حديث صحيح [1] . وروى ابن إسحاق عن الزهري عن سالم قال : إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل . قال : فإن أباك كان ينهى عنها . فقال : ويلك ! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمر به ، أفبقول أبي آخذ ، أم بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ! قم عني [2] . ولأجل ذلك كان هذا الصحابي يحرم بإحرام واحد للعمرة والحج ، مع أن النبي أمر الإحرام بإحرامين : الإحرام للعمرة ثم يتحلل ويتمتع بمحظورات الإحرام ثم يحرم للحج ، وما هذا إلا لزعم أن ترك التمتع بين العملين أكثر قربة إليه تعالى ، وقد برر فتواه بعد الاعتراف بأن عمرة التمتع سنة رسول الله بقوله : ولكنني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الأراك ثم يروحوا بهن حجاجا [3] . هذه بعض النماذج التي تعرض لها التاريخ في شتى المناسبات ، والجامع لذلك هو المبالغة في التعبد لله - حسب زعمه - وهي ناشئة عن قلة استيعاب المبتدع لما يجب أن يعرفه ، فإن الله سبحانه أعرف بمصالح العباد ومفاسدهم ، وبأسباب السعادة
[1] الترمذي ، السنن 3 : 185 ، كتاب الحج ، ط دار الفكر - بيروت . [2] الجامع لأحكام القرآن 2 : 388 . [3] أحمد بن حنبل ، المسند 1 : 49 .
105
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 105