قائمة على التعاون ، ولولاه لاستحالت واستحال العيش فيها إذا أخذ في الحساب أن الله تعالى شأنه قد بناها على منهج قيام المسببات ، وترتبها على أسبابها الطبيعية ، ولم يبنها على نظام ما فوق العادة ، ففي نظام الأسباب والمسببات ، ومبنياً عليه نلاحظ أن كل فرد يحتاج في جملة من متطلبات العيش إلى من يعنيه فيها بجهة اختصاصه ؛ إذ إنّه من المستحيل على كل فرد أن يوفر ما يحتاج إليه بنفسه وفي كل جهات حياته وشؤونها ، فيكون بنَّاءً فيبني بيته بيده ، ويكون حداداً فيما يحتاج إلى الحدادة ، ونجاراً فيما يحتاج إلى النجارة ، ويكون خياطاً فيخيط ثوبه وبيده ، ومزارعاً يفلح أرضه ، وطبيباً يعالج نفسه من أمراضها ، وإلى غير ذلك ممّا لا يستطاع القيام به بصورة فردية ، بل إنّ الله جلّ ذكره حتى في الدين وما يرجع إليه من أمور إقامته وحفظه لم يجعل على نفسه في كل ذلك ، أن يفيض به الوجود مباشرة دون أن يقوم السبب المعد له ،