الطفرات . ولا يملك العلماء اليوم رصيدا علميا لهذه النظرية ، الا ملاحظة بعض مظاهر التغير الفجائي ، في عدة من الحالات ، التي دعت إلى افتراض ان تنوع الحيوان نشأ عن طفرات من هذا القبيل ، بالرغم من ان الطفرات المشاهدة في الحيوانات ، لم تبلغ إلى حد تكوين التغيرات الأساسية المنوعة ، وان بعض التغيرات الدفعية لم تورث . ولسنا بصدد مناقشة نظرية من هذا القبيل ، وانما نستهدف التلميح إلى نظام الوراثة الدقيق ، والقوة المدهشة في الجينات الدقيقة ، التي توجه بها جميع خلايا الجسم ، وتنشئ للحيوان شخصيته وصفاته . فهل يمكن في الوجدان البشري ان يحدث كل ذلك صدفة واتفاقا ؟ * المادة وعلم النفس وأخيرا فلنقف لحظة عند علم النفس ، لنطل على ميدان جديد من ميادين الابداع الإلهي ، ولنلاحظ من قضايا النفس بصورة خاصة ، قضية الغرائز التي تنير للحيوانات طريقها وتسددها في خطوتها ، فإنها من آيات الوجدان البينات ، على ان تزويد الحيوان بتلك الغرائز ، صنع مدبر حكيم ، وليس صدفة عابرة . والا فمن علم النحل بناء الخلايا المسدسة الاشكال ، وعلم كلب البحر بناء السدود على الأنهار ، وعلم النمل المدهشات في إقامة مساكنه ، بل من علم ثعبان البحر ان لا يضع بيضه الا في بقعة من قاع البحر ، تقرب نسبة الملح فيها 35 % ، وتبعد عن سطح البحر بما لا يقل عن ( 1200 ) قدما ، ففي هذه البقعة يحرص الثعبان على رمي بيضه حيث لا ينضح الا مع توافر هذين الشرطين . ومن الطريف ما يحكى من أن عالما صنع جهازا خاصا ، وزوده بالحرارة المناسبة ، وببخار الماء وسائر الشروط التي تتوفر في عملية طبيعية لتوليد كتاكيت من البيض ، ووضع فيه بيضا ليحصل منه على دجاج ، فلم يحصل على النتيجة المطلوبة ، فعرف من ذلك ان دراسته لشرائط التوليد الطبيعي ليست كاملة ، فأجرى تجارب أخرى على الدجاجة ، حال احتضانها البيض ،