فانظر اليه كيف يجعل استغناء الطبيعة ، عن عملية التوليد الذاتي ، بسبب انها عملية لا لزوم لها . بعد ان وجدت الطريق الأسرع والأقرب ، إلى انتاج الحياة ، كأنه يتكلم عن قوة عاقلة واعية ، تترك عملية شاقة ، بعد ان تهيأ لها الوصول إلى الهدف من طريق أيسر . فمتى كانت الطبيعة تترك نواميسها وقوانينها ، لأجل ذلك ؟ وإذا كان التوالد الذاتي قد جرى أول الآمر ، طباق لقوانين ونواميس معينة ، كما يتولد الماء من التركيب الكيميائي الخاص ، بين الأوكسجين والهيدروجين ، فمن الضروري ان يتكرر طبقا لتلك القوانين والنواميس ، كما يتكرر وجود الماء متى وجدت العوامل الكيميائية الخاصة ، سواء كان للماء لزوم أم لا . إذ ليس اللزوم في عرف الطبيعة ، الا الضرورة المنبثقة عن قوانينها ونواميسها ، فبأي سبب اختلفت تلك القوانين والنواميس ؟ * المادة وعلم الوراثة ولندع ذلك إلى علم الوراثة ، الذي أخذ بمجامع الفكر البشري ويطأطئ له الانسان اعظاما واكبارا . فكم ندهش إذا عرفنا ان الميراث العضوي للفرد ، تضمه كله المادة النووية الحية لخلايا التناسل ، التي تسمى ( الجر مبلازم ) ، وان مرد جميع الصفات الوراثية ، إلى اجزاء مجهرية بالغة الدقة وهي الجينات ، التي تحتويها تلك المادة الحية في دقة وانتظام ، وقد أوضح العلم ان هذه المادة لم تشتق من خلايا جسمية ، بل من ( جرمبلازم ) الوالدين ، فالأجداد ، وهكذا . وفي ضوء ذلك انهار الوهم الدارويني ، الذي أقام داروين على أساسه نظرية التطور والارتقاء . القائلة بأن التغيرات والصفات ، التي يحصل عليها الحيوان أثناء الحياة ، بنتيجة الخبرة والممارسة أو بالتفاعل مع المحيط ، أو نوع من الغذاء ، يمكن أن تنتقل بالوراثة إلى ذريته ، إذ ثبت على أساس التمييز بين الخلايا الجسمية ، والخلايا التناسلية ، ان الصفات المكتسبة لا تورث . وهكذا اضطر المناصرون لنظرية التطور والارتقاء . إلى ان ينفضوا يدهم من جميع الأسس والتفصيلات الداروينية تقريبا . ويضعوا فرضية جديدة في ميدان التطور العضوي ، وهي فرضية نشوء الأنواع بواسطة