ان يطبق نظرية التوالد الذاتي ، على الكائنات العضوية المجهرية ، التي ينشأ بسببها الاختمار . ولكن سرعان ما باءت هذه المحاولة بالفشل ، كالمحاولات السابقة ، وذلك على يد ( باستور ) أيضا ، حين أظهر أن التخمير لا يحصل في المادة لو حفظت بمفردها ، وقطعت علاقتها بالخارج ، وانما يوجد بسبب انتقال كائنات عضوية معينة إليها ، وتوالدها فيها . وهكذا ثبت في نهاية المطاف ، على شتى أقسام الحيوان - وحتى الحيوانات الدقيقة ، التي اكتشفت حديثا ولم يكن من الممكن رؤيتها بالمجهر العادي - ان الحياة لا تنشأ الا من الحياة ، وان النطفة لا التوالد الذاتي هي القانون العام السائد في دنيا الاحياء . ويقف الماديون عند هذه النتيجة الحاسمة ، موقفا حرجا ، لأن نظرية التوالد الذاتي ، إذا كانت قد سقطت من الحساب ، في ضوء البحوث العلمية ، فكيف يمكنهم ان يعللوا نشوء الحياة على وجه الأرض ؟ وهل يبقى للوجدان البشري مستساغ - بعد ذلك - لاغماض عينيه في النور ، وغض بصره عن الحقيقة الإلهية الناصعة ، التي أودعت سر الحياة في الخلية ، أو الخلايا الأولى . والا فلماذا كفت الطبيعة عن عملية التوالد الذاتي إلى الأبد ، بمعنى ان التفسير المادي لخلية الحياة الأولى ، بالتوالد الذاتي ، لو كان صحيحا ، فكيف يمكن للمادية ان تعلل عدم حدوث التوالد الذاتي مرة أخرى في الطبيعة ، على مر الزمن منذ الآماد البعيدة ؟ والواقع انه سؤال محير للمادية ، ومن الطريف ان يجيب عليه العالم السوفياتي ( اوبارين ) قائلا : إذا كان بعث الحياة عن طريق التفاعل المادي ، الطويل الأمد ، لا يزال ممكنا في كوكب أخرى غير كوكبنا - يعني الأرض - ففي هذا الكوكب لم يعد له مكان ، ما دام هذا البعث أصبح يحدث عن طريق أسرع وأقرب ، وهو طريق التوالد البشري الزواجي ، ذلك لان التفاعل الجديد حل محل التفاعل البدائي البيولوجي والكيمي ، وجعله غير ذي لزوم [1] . هذا هو كل جواب ( اوبارين ) على المشكلة ، وهو جواب غريب حقا .