والماء مركب من مادة وهي ذرات الأوكسجين ، والهيدروجين ، وصورة وهي خاصية السيلان ، التي تحصل عند التركيب الكيماوي بين الغازين . فهل الذرات الدقيقة هي المادة العلمية للعالم كذلك أيضا ؟ والرأي الفلسفي السائد ، هو أن المادة الفلسفية أعمق من المادة العلمية بمعنى ان المادة الأولى في التجارب العلمية ، ليست هي المادة الأساسية في النظر الفلسفي ، بل هي مركبة من مادة - أبسط منها - وصورة ، وتلك المادة الأبسط ، لا يمكن اثباتها بالتجربة ، وانما يبرهن على وجودها بطريقة فلسفية . * تصحيح الأخطاء وعلى ضوء ما سبق ، يمكن أن نعرف ان النظرية الذرية ل ( ديمقريطس ) - القائلة ، بأن أصل العالم عبارة عن ذرات أصلية لا تتجزأ - لها جانبان : أحدهما علمي ، والآخر فلسفي . فالجانب العلمي هو ان بنية الأجسام مركبة من ذرات صغيرة ، يتخلل بينها الفراغ ، وليس الجسم كتلة متصلة ، وان بدا لحواسنا كذلك ، وتلك الوحدات الصغيرة هي مادة الأجسام جميعا . والجانب الفلسفي ، هو ان ديمقريطس زعم ان تلك الوحدات والذرات ، ليس مركبة من مادة وصورة ، إذ ليست لها مادة أعمق وأبسط منها ، فهي المادة الفلسفية ، أي أعمق وأبسط مادة للعالم . وقد اختلط هذان الجانبان من النظرية ، على كثير من المفكرين ، فبدا لهم ان عالم الذرة ، الذي كشفه العلم الحديث بالأساليب التجريبية ، يبرهن على صحة النظرية الذرية . فلم يعد من الممكن تخطئة ( ديمقريطس ) في تفسيره للأجسام - كما خطأه الفلاسفة السابقون - بعد أن تجلى للعلم عالم الذرة الجديد ، وان اختلف التفكير العلمي الحديث ، تفكير ديمقريطس ، في تقدير حجم الذرة وتصوير بنيتها . ولكن الواقع ان التجارب العلمية الحديثة عن الذرة ، انما تثبت صحة الجانب العلمي ، من نظرية ديمقريطس ، فهي تدل على ان الجسم مركب من