responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 273


بالصدفة ، نظرا إلى اعتقادها بوجود مبدأ أول ، لم ينشأ من سبب ولم تتقدمه . فهذا الوجود المزعوم للالهية ، لما كان شاذا عن مبدأ العلية ، فهو صدفة ، وقد أثبت العلم ان لا صدقة في الوجود ، فلا يمكن التسليم بوجود المبدأ الإلهي ، الذي تزعمه الفلسفة الميتافيزيقية .
وهكذا أخطأ هؤلاء مرة أخرى ، حين أرادوا استكشاف سر الحاجة إلى العلة ، ومعرفة حدود العلية ، ومدى اتساعها عن طريق التجارب العلمية ، كما أخطأوا سابقا في محاولة استنباط مبدأ العلية بالذات ، وبصورة رئيسية من التجربة والاستقراء العلمي للكون . فان التجارب العلمية لا تعمل الا في حقلها الخاص ، وهو نطاق مادي محدود ، وقصارى ما تكشف عنه هو خضوع الأشياء في ذلك النطاق لمبدأ العلية ، فالانفجار أو الغليان ، أو الاحتراق ، أو الحرارة ، أو الحركة ، وما إلى ذلك من ظواهر الطبيعة ، لا توجد دون أسباب ، وليس في الامكانات العلمية للتجربة ، التدليل على ان سر الحاجة إلى العلة كامن في الوجود بصورة عامة ، فمن الجائز ان يكون السر ثابتا في ألوان خاصة من الوجود ، وأن تكون الأشياء التي ظهرت في المجال التجريبي من تلك الألوان الخاصة .
فاعتبار التجربة دليلا على أن الوجود بصورة عامة خاضع للعلل والأسباب ، ليس صحيحا - اذن - ما دامت التجربة لا تباشر الا الحقل المادي من الوجود ، وما دام نشاطها في هذا الحقل الذي تباشره لا يتخطى ايضاح الأسباب والآثار المنبثقة عنها ، إلى الكشف عن السبب الذي جعل هذه الآثار بحاجة إلى تلك الأسباب . وإذا كانت التجربة ووسائلها المحدودة ، قاصرة عن تكوين إجابة واضحة في هذه المسألة ، فيجب درسها على الأسس العقلية ، وبصورة فلسفية مستقلة . فكما أن مبدأ العلية نفسه من المبادئ الفلسفية الخالصة - كما عرفت سابقا - كذلك أيضا البحوث المتصلة به ، والنظريات التي تعالج حدوده .
ويجب أن نشير إلى ان اتهام فكرة المبدأ الأول ، بأنها لون من الايمان بالصدفة ، ينطوي على سوء فهم لهذه الفكرة ، وما ترتكز عليه من مفاهيم ، ذلك ان الصدفة عبارة عن الوجود ، من دون سبب ، لشيء يستوي بالنسبة

273

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست