سائر الظواهر والأحوال المادية ومتأثرة بها ، غير انه في نفس الوقت يحمل نقيضة في صميمه ، وينشب حينئذ الصراع بين النقائض في محتواه ، حتى تتجمع المتناقضات وتحدث تبدلا في ذلك الوضع وانشاءا لوضع جديد . . . وهكذا يبقى العراك قائما حتى تكون الانسانية كلها طبقة واحدة ، وتتمثل مصالح كل فرد في مصالح تلك الطبقة الموحدة . . . في تلك اللحظة يسود الوئام ، ويتحقق السلام ، وتزول نهائيا جميع الآثار السيئة للنظام الديمقراطي الرأسمالي لأنها انما كانت تتولد من تعدد الطبقة في المجتمع ، وهذا التعدد انما نشأ من انقسام المجتمع إلى منتج وأجير . وإذا فلابد من وضع حد فاصل لهذا الانقسام ، وذلك بالغاء الملكية . وتختلف هنا الشيوعية عن الاشتراكية في بعض الخطوط الاقتصادية الرئيسية ، وذلك لأن الاقتصاد الشيوعي يرتكز : أولا : على الغاء الملكية الخاصة ومحوها محوا تاما من المجتمع ، وتمليك الثروة كلها للمجموع وتسليمها إلى الدولة ، باعتبارها الوكيل الشرعي عن المجتمع في إدارتها واستثمارها لخير المجموع . واعتقاد المذهب الشيوعي بضرورة هذا التأميم المطلق ، وانما كان رد الفعل الطبيعي لمضاعفات الملكية الخاصة في النظام الديمقراطي الرأسمالي . وقد برر هذا التأميم بأن المقصود منه الغاء الطبقة الرأسمالية وتوحيد الشعب في طبقة واحدة ليختم بذلك الصراع ، ويسد على الفرد الطريق إلى استغلال شتى الوسائل والأساليب لتضخيم ثروته ، اشباعا لجشعه واندفاعا بدافع الأثرة وراء المصلحة الشخصية . ثانيا : على توزيع السلع المنتجة على حسب الحاجات الاستهلاكية للافراد ، ويتلخص في النص الآتي : ( ( من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته ) ) . وذلك ان كل فرد له حاجات طبيعية لا يمكنه الحياة بدون توفيرها ، فهو يدفع للمجتمع كل جهده فيدفع له المجتمع متطلبات حياته ويقوم بمعيشته . ثالثا : على منهاج اقتصادي ترسمه الدولة ، وتوفق فيه بين حاجة المجموع والانتاج في كميته وتنويعه وتحديده ، لئلا يمنى المجتمع بنفس الادواء والأزمات التي حصلت في المجتمع الرأسمالي ، حينما اطلق الحريات بغير تحديد .