المتنوعة ، في مكان خال من الهواء . فدلت على انها تشترك جميعا في درجة معينة من السرعة . أقول : ان هذه النظريات وآلاف النظريات الأخرى ، التي مرت كلها بالمرحلة التي أشرنا إليها من التطور ، باجتيازها درجة الفرضية إلى درجة القانون ، لا تعبر في اجتيازها وتطورها هذا ، عن نمو في نفس الحقيقة ، بل عن الاختلاف في درجة التصديق العلمي بها . فالفكرة هي الفكرة ، غير انها نجحت في الامتحان العلمي ، وانكشفت لذلك انها حقيقة ، بعد ان كان مشكوكا فيها . ثم ان هذه النظرية بعد ان تحتل موضعها من القوانين العلمية ، تأخذ مجالها في التطبيق . وتكسب صفتها كمرجع علمي لتفسير ظواهر الطبيعة ، التي تبدو لدى المشاهدة أو التجربة ، واستكشاف حقائق وأسرار جديدة . ومهما استطاعت ان تستكشف مزيدا من الحقائق المجهولة ، ثم تؤكد التجربة بعد ذلك صحة استكشافها ، ازدادت رسوخا ووضوحا في الذهنية العلمية . ولذلك عد من الانتصارات الكبرى لقانون الجاذبية العامة ، ان استكشف العلماء كوكب ( نبتون ) ، على ضوء قانون الجاذبية ، ومعادلاته الرياضية . ثم أيدت وجوده المشاهدات العلمية بعدئذ . وهذا أيضا ليس الا لونا من ألوان شدة الوثوق العلمي . بصحة النظرية وصوابها . ثم ان حالف التوفيق النظرية في المجال العلمي على طول الخط ، ثبتت نهائيا . وأما إذا بدأت تضيق عن الانطباق على الواقع المدروس علميا . بعد تدقيق الأجهزة والوسائل . وتعميق الملاحظة والفحص ، فتبدأ النظرية عند ذاك مرحلة التعديل والتجديد ، وفي هذه المرحلة قد تضطر المشاهدات والتجارب الجديدة ، إلى تكميل النظرية العلمية السابقة ، بمفاهيم جديدة ، تضاف إلى النظرية السالفة ، ليتم بذلك تفسير موحد للواقع التجريبي كله . وقد تكشف الدلائل العلمية عن خطأ النظرية السابقة ، فتنهار ويعوض عنها بنظرية أخرى ، على ضوء التجارب والمشاهدات . وفي كل ذلك لا يمكن ان نفهم التطور العلمي فهما ديالكتيكياً ، أو ان نتصور الحقيقة كما يفترضها الجدل ، تنمو وتتحرك بموجب التناقضات المحتواة