وعلى العكس من ذلك قانون الحركة العامة ، في رأينا ، فإنه قانون طبيعي يسود عالم المادة ، ولا يشمل دنيا الفكر والمعرفة . فالحقيقة أو المعرفة لا يوجد فيها ، ولا يمكن ان يوجد فيها ، تطور بمعناه الفلسفي الدقيق ، كما أوضحنا ذلك بكل جلاء ، في المسألة الأولى ( نظرية المعرفة ) . وما نرمي اليه الآن من درس الحركة الديالكتيكية المزعومة في المعرفة أو الحقيقة ، هو استعراض المحاولات الرئيسية التي اتخذتها الماركسية ، للاستدلال على ديالكتيك الفكر وحركته . وتتلخص في ثلاث محاولات : المحاولة الأولى : ان الفكر أو الادراك انعكاس للواقع الموضوعي ولأجل ان يكون مطابقا له يجب ان يعكس قوانينه وتطوره وحركته . فالطبيعة تتطور وتتغير باستمرار ، طبقا لقانون الحركة ، ولا يمكن للحقيقة ان تصورها في الذهن البشري إذا كانت مجمدة ساكنة ، وانما توجد الحقيقة في أفكارنا ، إذا اخذت هذه الأفكار على اعتبار انها تنمو وتتطور ديالكتيكياً ، لتكون مفاهيمنا عن الأشياء مواكبة للأشياء ذاتها . ويحسن ان نلاحظ في هذا المجال النصوص الآتية : ( ( ان الواقع ينمو ، والمعرفة التي تنشأ من هذا الواقع تعكسه وتنمو مثله ، وتصبح عنصرا فعالا من عناصر نموه . ان الفكر لا يحدث موضوعه ، وانما الفكر يعكس الواقع الموضوعي ويصوره ، باكتشاف قوانين نموه ) ) [1] . ( ( ان الفرق بين المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي ، ينحصر في واقع انهما يواجهان بصورة مختلفة ، المسألة الأساسية للمنطق ، وهي مسألة الحقيقة . فمن وجهة نظر المنطق الديالكتي ليست الحقيقة شيئا معطى مرة واحدة لا غير ، ليست شيئا مكتملا محددا مجمدا ساكنا ، بل الامر خلاف