responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 18


كل هذا صحيح ، ولكن النظام الرأسمالي لم يركز على فهم فلسفي مادي للحياة ، وهذا هو التناقض والعجز ، فان المسألة الاجتماعية للحياة تتصل بواقع الحياة ، ولا تتبلور في شكل صحيح الا إذا أقيمت على قاعدة مركزية ، تشرح الحياة وواقعها وحدودها ، والنظام الرأسمالي يفقد هذه القاعدة ، فهو ينطوي على خداع وتضليل أو على عجلة وقلة أناة ، حين تجمد المسألة الواقعية للحياة وتدرس المسألة الاجتماعية منفصلة عنها ، مع ان قوام الميزان الفكري للنظام بتحديد نظرته منذ البداية إلى واقع الحياة ، التي تمون المجتمع بالمادة الاجتماعية - وهي العلاقات المتبادلة بين الناس - وطريقة فهمه لها ، واكتشاف أسرارها وقيمها . فالانسان في هذا الكوكب ان كان من صنع قوة مدبرة مهيمنة ، عالمة بأسراره وخفاياه ، بظواهره ودقائقه ، قائمة على تنظيمه وتوجيهه . . . فمن الطبيعي ان يخضع في توجيهه وتكييف حياته لتلك القوة الخالقة ، لأنها أبصر بأمره وأعلم بواقعه ، وأنزه قصدا وأشد اعتدالا منه .
وأيضا ، فان هذه الحياة المحدودة ان كانت بداية الشوط لحياة خالدة تنبثق عنها ، وتتلون بطابعها ، وتتوقف موازينها على مدى اعتدال الحياة الأولى ونزاهتها . . . فمن الطبيعي ان تنظم الحياة الحاضرة بما هي بداية الشوط لحياة لا فناء فيها ، وتقام على أسس القيم المعنوية والمادية معا . واذن فمسألة الايمان بالله وانبثاق الحياة عنه ، ليست مسألة فكرية خالصة لا علاقة لها بالحياة ، لتفصل عن مجالات الحياة ويشرع لها طرائقها ودساتيرها ، مع اغفال تلك المسألة وفصلها ، بل هي مسألة تتصل بالعقل والقلب والحياة جميعا .
والدليل على مدى اتصالها بالحياة من الديمقراطية الرأسمالية نفسها أن الفكرة فيها تقدم على أساس الايمان بعدم وجود شخصية أو مجموعة من الافراد ، بلغت من العصمة في قصدها وميلها وفي رأيها واجتهادها ، إلى الدرجة التي تبيح ايكال المسألة الاجتماعية إليها ، والتعويل في إقامة حياة صالحة للأمة عليها . وهذا الأساس بنفسه لا موضع ولا معنى له ، الا إذا أقيم على فلسفة مادية خالصة ، لا تعترف بامكان انبثاق النظام الا عن عقل بشري محدود .

18

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست