والشعائر والطقوس التي يستذوقها ، لان ذلك مسألة خاصة تتصل بكيانه وحاضره ومستقبله . وما دام يملك هذا الكيان فهو قادر على التصرف فيه كما يشاء . وليست الحرية الدينية - في رأي الرأسمالية التي تنادي بها - الا تعبيرا عن الحرية الفكرية في جانبها العقائدي ، وعن الحرية الشخصية في الجانب العملي ، الذي يتصل بالشعائر والسلوك . ويتخلص من هذا العرض أن الخط الفكري العريض لهذا النظام - كما المحنا اليه - هو : ان مصالح المجتمع بمصالح الافراد . فالفرد هو القاعدة التي يجب ان يرتكز عليها النظام الاجتماعي ، والدولة الصالحة هي الجهاز الذي يسخر لخدمة الفرد وحسابه ، والإدارة القوية لحفظ مصالحه وحمايتها . هذه هي الديمقراطية الرأسمالية في ركائزها الأساسية ، التي قامت من أجلها جملة من الثورات ، وجاهد في سبيلها كثير من الشعوب والأمم . في ظل قادة كانوا حين يعبرون عن هذا النظام الجديد ويعدونهم بمحاسنه ، يصفون الجنة في نعيمها وسعادتها ، وما تحفل به من انطلاق وهناء وكرامة وثراء . وقد أجريت عليها بعد ذلك من التعديلات ، غير انها لم تمس جوهرها بالصميم ، بل بقيت محتفظة بأهم ركائزها وأسسها . * لاتجاه المادي في الرأسمالية ومن الواضح أن هذا النظام الاجتماعي نظام مادي خالص ، اخذ فيه الانسان منفصلا عن مبدئه ، وآخرته ، محدوداً بالجانب النفعي من حياته المادية ، وافترض على هذا الشكل . ولكن هذا النظام في نفس الوقت الذي كان مشبعا بالروح المادية الطاغية . . . لم يبن على فلسفة مادية للحياة وعلى دراسة مفصلة لها . فالحياة في الجو الاجتماعي لهذا النظام ، فصلت عن كل علاقة خارجة عن حدود المادة والمنفعة . ولكن لم يهيأ لإقامة هذا النظام فهم فلسفي كامل لعملية الفصل هذه . ولا أعني بذلك ان العالم لم يكن فيه مدارس للفلسفة المادية وأنصار لها ، بل كان فيه اقبال على النزعة المادية : تأثرا