صحيح ان الفكر إذا كان جزءا من الطبيعة ونتاجا لها فهو يمثل بطبيعة الحال قوانينها ، ولكن ليس معنى هذا ان الفكر بهذا الاعتبار يصبح معرفة صحيحة للطبيعة وقوانينها . أو ليس الفكر الميتافيزيقي أو المثالي فكرا ، وبالتالي جزءا من الطبيعة ونتاجا لها - في الزعم المادي ؟ أو ليست جميع محتويات العمليات الفيزيولوجية ظواهر طبيعية ونتاجا للطبيعة ؟ فقوانين الطبيعة اذن تتمثل في تفكير المادي الجدلي وتجري عليه ، وفي التفكير المثالي والميتافيزيقي على السواء ، كما تتمثل في جميع العمليات والظواهر الطبيعية ، فلماذا يكون الفكر الماركسي معرفة صحيحة للطبيعة دون غيره من هذه الأمور ؟ مع انها جميعا نتاجات طبيعية تعكس قوانين الطبيعة . وبهذا نعرف ان مجرد اعتبار الفكر ظاهرة للطبيعة ونتاجا منها ، لا يكفي لأن يكون معرفة حقيقية للطبيعة ، بل لا يضع بين الفكرة وموضوعها الا علاقة السببية الثابتة بين كل نتيجة وسببها الطبيعي وانما تكون الفكرة معرفة حقيقية إذا آمنا فيها بخاصة الكشف والتصوير ، التي تمتاز بها على كل شيء آخر . وأما الدليل البيولوجي على مطابقة الادراك أو الاحساس للواقع الموضوعي ، فهو ما يعرضه لنا النص التالي : ( ( لا تستطيع ان تكون وهي في مستوى الاحساس نافعة بيولوجيا في حفظ الحياة ، الا إذا كانت تعكس الواقع الموضوعي ) ) ( 1 ) . ( ( إذا كان صحيحا ان الاحساس ليس الا رمزا دون أيما شبه بالشيء وإذا كان يمكن بالتالي تطابق أشياء عديدة متغايرة ، أو أشياء وهمية ومثلها تماما أشياء واقعية ، عندئذ يكون التعود البيولوجي على البيئة مستحيلا ، إذا افترضنا ان الحواس لا تتيح لنا تعيين اتجاهنا بيقين وسط الأشياء ، والرد عليها بفعالية ، بيد ان كل النشاط العملي