له بالشيء الخارجي ، بل الأشياء الخارجية هي ان الأسباب الأولية لإثارة العمليات الحسية في أعضائنا ، ولكن طبيعة الجهاز الخاص هي التي تبلور عملية الاحساس في الكيفية التي يعبر بها عن نفسه ، ولأجل هذا فالإحساس يمكن ان يعتبر بمثابة رمز وليس بمثابة صورة ، ذلك لأن الصورة يتطلب منها بعض الشبه مع الشيء الذي تمثله ، واما الرمز فلا يلزم أن يكون له أي شبه مع الشيء الذي يعنيه . وهذا الاتجاه المثالي من المضاعفات اللازمة للمفهوم المادي للادراك الذي نرفضه كل الرفض ، فان الادراك إذا كان عبارة عن عملية فيزيولوجية خالصة ، وتفاعل مادي خاص بين الجهاز العصبي والأشياء الموضوعية في الخارج ، فيجب أن تكون كيفية هذا العمل الفيزيولوجي هنا مرتبطة بطبيعة الجهاز العصبي ، أو بطبيعة الجهاز وطبيعة الشيء الموضوعي معا . وهذا وان يكن مؤديا إلى مثالية صريحة ونفي لواقع العالم الموضوعي ما دمنا قد احتفظنا للأشياء الخارجية بصفة السببية لعمليات الجهاز العصبي ، الا أنه قد يسمح بالتشكيك في مدى مطابقة الاحساس للواقع الموضوعي ، والريب في أن لا يكون الادراك مجرد انفعال خاص يدل على سببه بصورة رمزية من دون تشابه في الحقيقة والمحتوى . وسوف نعود إلى هذا المفهوم المثالي الفيزيولوجي عن قريب . 5 - أنصار الشك الحديث : ومرد هذا الشك الحديث في الحقيقة إلى مذهب الشك القديم ، الذي اتخذته المدرسة الشكية الإغريقية وبشر له ( بيرون ) زاعما عجز الانسان عن اعطاء أي حكم على الأشياء . وقد نشأت الشكية الحديثة في ظروف مشابهة للظروف التي اكتنفت تلك المدرسة القديمة وساعدت على انشائها ، فالشكية الإغريقية جاءت كحل وسط للصراع الذي قام على أشده بين السفسطة والفلسفة . فقد كانت السفسطة قد ولدت قبل الشكية بقرون . وتمردت على جميع الحقائق وأنكرت القضايا العلمية والحسية كافة . وقام الفلاسفة في وجهها يظهرون تناقضاتها ويكشفون عن انهيارها بين يدي النقد حتى تضاءلت موجة