الرحى [1] ينحدر عني السيل [2] ولا يرقى إلي الطير [3] فسدلت دونها [4] ثوبا ، وطويت عنها كشحا [5] وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء [6] أو أصبر على طخية عمياء [7] يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا [8] أحجى [9] فصبرت وفي العين قذى [10] وفي الحلق شجا [11] أرى تراثي نهبا [12] حتى مضى الأول لسبيله ، فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده ( ثم تمثل عليه السلام بقول الأعشى ) : شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا
[1] يدل على ذلك ما رواه أبو بكر نفسه من أحاديث سمعها من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الإمام ، تأتي تحت عنوان ( أحاديث رواها إمامكم في فضائل إمامنا ) . [2] قال ابن أبي الحديد : يعني رفعة منزلته ( عليه السلام ) كأنه في ذروة جبل أو يفاع مشرف ينحدر السيل عنه إلى الوهادة والغيظان . [3] قال ابن أبي الحديد في شرحه لهذه الجملة من خطبة الإمام الشقشقية : هذه أعظم في الرفعة والعلو من التي قبلها ، لأن السيل ينحدر عن الرابية والهضبة ، وأما تعذر رقي الطير فربما يكون للقلال الشاهقة جدا ، بل ما هو أعلى من قلال الجبال ، كأنه يقول إني لعلو منزلتي كمن في السماء التي يستحيل أن يرقى الطير إليها . [4] أي أرخيت ، تقول : ضربت يعني بيني وبينها حجابا فعل الزاهد فيها الراغب عنها ، قاله ابن أبي الحديد . [5] أي قطعتها وصرمتها ، وملت عنها . [6] : مقطوعة ، كناية عن عدم الوصول إلى الهدف ، مع قلة الناصر ، كما أن اليد المقطوعة لا ينال بها المطلوب . [7] الطخية : قطعة من الغيم والسحاب ، وعمياء تأكيد لظلام الحال واسودادها . [8] أي هذه . [9] أي أليق بالحجى وهو العقل . [10] أي صبرت على مضض كما يصبر الأرمد . [11] هو ما يعترض في الحلق ، كما يصبر من غص بأمر فهو يكابد الخنق . [12] قال ابن أبي الحديد : كنى عن الخلافة بالتراث ، وهو الموروث من المال . الرضوي : وذاك لأنه ورثها من نص رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليه فيها فلذلك عبر عنها بالتراث .