الخطاب صديقه الحميم وابن عوف ناصره ، فما أعظمها من جرأة على الله ، وانتهاك لحرمة أولياء الله ، من أهل بيت رسول الله . فهل من مدكر ؟ ونقل الأستاذ العقاد عن كتاب ( بلاغات النساء ) قال : لما أجمع أبو بكر ( رضي الله عنه ) على منع فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) - فدك - وبلغ فاطمة ، لاثت خمارها على رأسها [1] وأقبلت في لمة من حفدتها [2] تطأ ذيولها . ما تخرم من مشية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شيئا [3] ، حتى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار ، فنيطت دونها ملاءة [4] ، ثم أنت أنة [5] أجهش القوم لها بالبكاء [6] ، وارتج المجلس ، فأمهلت حتى سكن نشيج القوم [7] وهدأت فورتهم ، فافتتحت الكلام بحمد الله ، والصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فعاد القوم في بكاءهم ، فلما أمسكوا عادت في كلامها ( فكان مما قالت ) : وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ( أفحكم الجاهلية تبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) [8] . أيها المسلمة المهاجرة أأبتز إرث أبي ؟ أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا إرث أبي ؟ ( لقد جئت شيئا فريا ) [9] فدونكها مخطومة ، مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ، و ( لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ) [10] .
[1] : التفت به واحتجبت . [2] أي في جماعة من نساءها . [3] أي ما تعدل عن مشيته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . [4] ناط الشئ إذا علقه ، والملاءة : كل ثوب لين رقيق ، والمراد وضع حاجب بينها وبين الناس لمجيئها لمحاجة أبي بكر . [5] الأنة : صوت من ألم . [6] الجهش أن يفزع الإنسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء ، كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء ( مجمع البحرين ) . [7] النشيج : الصوت مع ترجيع وبكاء كما يردد الصبي بكائه في صدره ( مجمع البحرين ) . [8] سورة المائدة آية 50 وفيها ( يبغون ) وحيث إنها ( عليها السلام ) وجهت الخطاب إلى حاضرين قالت ( تبغون ) . [9] : منكرا عظيما . [10] سورة الأنعام آية 67 .