الأمر الثاني المعارف والعلوم التي يشتمل عليها الكتاب الكريم من أفضل الطرق وأتقنها للوقوف على المعارف والعلوم التي اشتمل عليها كتاب الله سبحانه ، الرجوع إلى نفس القرآن الكريم ، ليعرّف لنا نفسه . قال تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ) ( النحل : 89 ) . في فهم قوله تعالى : ( لِكُلِّ شَيْءٍ ) اتّجاهان : الأوّل : وهو المشهور بين المفسّرين من الفريقين ، بيانه : أنّ القرآن لمّا كان كتاب هداية لعامّة الناس ؛ لقوله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) ( البقرة : 185 ) ، فيكون الظاهر من قوله : « كلّ شيء » أي كلّ ما يرجع إلى أمر الهداية ممّا يحتاج إليه الناس في اهتدائهم من المعارف الحقيقيّة المتعلّقة بالمبدأ والمعاد والأخلاق الفاضلة والشرائع الإلهيّة والقصص والمواعظ ، فهو تبيان لذلك كلّه . قال الآلوسي في تفسيره : « والمراد من ) كلّ شيء ) على ما ذهب إليه جمع ، ما يتعلّق بأمور الدِّين ، أي بياناً بليغاً لكلّ شيء يتعلّق بذلك . . . والدليل على تقدير الوصف المخصّص للشيء ، المقام وأنّ بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنّما هي لبيان الدِّين » [1] .
[1] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ، محمد الآلوسي أبو الفضل ، مصدر سابق : ج 14 ص 214 .