وطريقة إعلان فضيحتهم بإحراج أئمّتهم فيما يدّعونه من علم واستقامة سلوك ، وإبراز سخفهم لإحتضانهم أئمّة بهذا السنّ وهذا المستوى لو أمكن ذلك ، أيسر بكثير من تعريض الأمّة إلى حروب قد يكون الخليفة نفسه من ضحاياها ، أو تعريض هؤلاء الأئمّة إلى السجون والمراقبة أو المجاملة أحياناً . وإذا كان للصدفة - وهي مستحيلة - مجالها في امتحان ما بالنسبة إلى شخص ما ، فليس لها موقع بالنسبة إليه في مختلف المجالات ، فضلاً عن تكرّرها بالنسبة إلى جميع الأئمّة صغارهم وكبارهم كما يحدث في ذلك التاريخ . وأظنّ أنّ في هذه الاعتبارات التي ذكرناها مجتمعة ما يُغني عن استيعاب كلّ ما ذكر في تشخيص المراد من أهل البيت » [1] . ممّا تقدّم يتّضح أنّ هذه الأحاديث التي رُويت في مصادر الفريقين بشكل مكثّف ، لا يمكن أن نجد لها تطبيقاً واقعيّاً منسجماً مع الخصائص والميزات التي ذكرت فيها ، إلاّ على ما تذهب إليه مدرسة أهل البيت من القول بالأئمّة الاثني عشر ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم المهدي المنتظر ، وهو حيٌّ يُرزق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لذا أورد أبو داود هذا الحديث في كتاب المهدي من سننه ، جاعلاً إيّاه أوّل حديث من أحاديثه [2] . وقد أجمعت الأمّة على أعلميّتهم وأهليتهم للخلافة ، وأنّ لهم من الخصائص والمميّزات ما لم تكن لغيرهم ، رغم ما عانوه من ظلم واضطهاد ، فهم الذين تنطبق عليهم - وحدهم - خصوصيّات الاثني عشر التي بيّنها النبيّ صلّى الله عليه وآله في الأحاديث المتقدّمة .
[1] الأصول العامّة للفقه المقارن ، مصدر سابق : ص 182 . [2] سنن أبي داود ، مصدر سابق : ج 2 ص 309 ، الحديث : 4279 .