ومن أهم خصائص الإمامة أنّ القرآن كلّما تعرّض لمعناها تعرّض معها للهداية تعرّض التفسير ؛ قال تعالى في قصص إبراهيم عليه السلام : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) ( الأنبياء : 72 - 73 ) ، وقال سبحانه : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) ( السجدة : 24 ) فوصفها بالهداية وصف تعريف . إلاّ أنّه قد يتساءل : ما المراد من الهداية التي تكون من اختصاصات الإمامة القرآنيّة ؟ وهذا ما أجابت عنه الآيات المتقدِّمة حيث قيّدت الهداية أنّها « بأمرنا » ومعنى ذلك أنّ الهداية التي أُوكلت إلى الإمام ليست هي مطلق الهداية التي هي مجرّد إراءة الطريق الذي هو شأن مقام النبوّة والرسالة ، ويقوم بها كلّ مؤمن يهدي إلى الله سبحانه بالنصح والموعظة والإرشاد ، كما في قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) ( إبراهيم : 4 ) ، وقوله في مؤمن آل فرعون : ( وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ) ( المؤمن : 38 ) . وإنّما المراد منها نوع آخر من الهداية لا تقع إلاّ بأمر الله تعالى ، وقد بيّن القرآن الكريم حقيقة هذا الأمر في قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ( يس : 82 - 83 ) ، ولازم ذلك أنها هداية تكوينيّة يستحيل أن يتخلّف المراد عنها . وببيان آخر : لا يمكن أن يكون المراد من الهداية في قوله تعالى : ( يهدون بأمرنا ) الذي وقع وصفاً لمقام الإمامة ، الهداية بمعنى إراءة الطريق ، وذلك لأنّ الله سبحانه جعل إبراهيم الخليل عليه السلام إماماً بعدما كان نبيّاً ؛ قال تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) ( البقرة :