بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة تعدّ الإمامة من أهمّ الحقائق التي وقف عندها القرآن الكريم وأولاها عناية خاصّة ، حيث بيّن أنّها المقام الإلهي الذي لم ينله إبراهيم الخليل عليه السلام إلاّ بعد مقام النبوّة والخلّة ؛ قال الإمام الرضا عليه السلام : « إنّ الإمامة خصّ الله عزَّ وجلّ بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره فقال : ( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامً ) ( البقرة : 124 ) ، فقال الخليل سروراً بها : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) قال الله تبارك وتعالى : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة » [1] . وهذه الإمامة كما عرّفها القرآن وبيّنتها النصوص الروائيّة ، هي غير الإمامة السياسيّة التي انطلقت منها المدرسة السنيّة ، حيث قامت على أساس أنّ الإمام أو الخليفة هو الذي يتسنّم هرم السلطة السياسيّة في النظام الإسلامي ، وهو المسؤول عن إدارة شؤون الأمّة على مختلف المستويات الدينيّة والدنيويّة .
[1] الأصول من الكافي ، لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، دار صعب ، دار التعارف للمطبوعات ، صحّحه وعلّق عليه : علي أكبر الغفاري ، الطبعة الرابعة ، عام 1401 ه : ج 1 ص 199 ، كتاب الحجّة ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ، الحديث : 1 .