الحاكمة حالت دون ذلك ومنعت من تدوين حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله ، بل أمرت بإحراق كلّ ما كتب في هذا المجال ، ونهت عن تدوين ما هو في صدور الأصحاب [1] .
وليس غريباً أن تقف السلطات التي أرادت أن تتسلّط على رقاب الأمّة باسم خلافة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وتمنع مَن هو منها كالقطب من الرّحى ، دون نشر مثل هذه الأحاديث التي تثبت أحقّية الإمام عليّ وأولاده عليهم السلام بالخلافة والإمامة من بعده .
من هنا نستطيع الوقوف على جواب تساؤل طالما أشار إليه جملة من أعلام السنّة المتقدِّمين ، وردّدته بعض الأقلام المعاصرة ، وهو أنّه لو كانت

[1] ورد عن عائشة أنّها قالت : « جمع أبي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه ] وآله [ وسلم ، وكانت خمسمئة حديث ، فبات ليلته يتقلّب كثيراً . قالت : فغمّني ، فقلت : أتتقلّب لشكوى أو لشيء بلغك ؟ فلمّا أصبح قال : أي بنيّة ، هلمّي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها » . تذكرة الحفّاظ ، أبو عبد محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، دار إحياء التراث العربي : ج 1 ص 5 . وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر : إنّ عمر بن الخطّاب بلغه أنّه قد ظهرت في أيدي الناس كتب ، فاستنكرها وكرهها ، وقال : أيّها الناس إنّه قد بلغني أنّه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبّها إلى الله أعدلها وأقومها ، فلا يتبيّن أحدٌ عنده كتاباً إلاّ أتاني به ، فأرى فيه رأيي . قال : فظنّوا أنّه يريد أن ينظر فيها ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم ، فأحرقها بالنار ! ! » . حجّية السنّة ، للشيخ عبد الغني عبد الخالق ، رئيس قسم أصول الدِّين بجامعة الأزهر ، نشر المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، واشنطن ، ودار الفكر ، بيروت ، 1407 ه‌ : ص 395 . انظر تفصيل هذا البحث في : منع تدوين الحديث ؛ أسباب ونتائج ، تأليف : علي الشهرستاني .

66