وليست الكثرة العدديّة لهذه الروايات هي الأساس الوحيد لقبولها ، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحّتها ، فالبخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد عليه السلام والإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام ، وفي ذلك مغزىً كبير ، لأنّه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجِّل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قبل أن يتحقّق مضمونه ، وتكتمل فكرة الأئمّة الاثني عشر فعلاً ، وهذا يعني أنّه لا يوجد أيّ مجال للشكّ في أن يكون نقل الحديث متأثّراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له ، لأنّ الأحاديث المزيّفة التي تُنسب إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله هي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخّر زمنيّاً ، لا تستبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي يشكِّل انعكاساً له . فما دمنا قد ملكنا الدليل المادّي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري ، أمكننا أن نتأكّد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربّانية نطق بها من لا ينطق عن الهوى ، فقال : « إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر » وجاء الواقع الإمامي الاثنا عشري ابتداءً من الإمام عليّ عليه السلام وانتهاءً بالمهدي - عجّل الله فرجه الشريف - ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف » [1] . أسماء خلفاء النبيّ في النصوص الروائيّة قبل استعراض الروايات التي بيّنت أسماء خلفاء النبيّ صلّى الله عليه وآله ، هناك تساؤل ملفت للنظر ، هو أنّه بحسب الروايات التي وردت في
[1] بحث حول المهدي ، السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر ، تحقيق : عبد الجبّار شرارة ، نشر مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة ، الطبعة الأولى ، 1417 : ص 106 .