ثانياً : إنّ ذلك لا يتحقّق إلاّ إذا كان أولئك الخلفاء الاثنا عشر بشكل متسلسل إلى قيام الساعة . وهذه الحقيقة لم تتجسّد إلاّ في أئمّة أهل البيت الاثني عشر ، ومن أوضح ما يثبت ذلك : حديث الثقلين ؛ حيث اتّضح منه أنّ القرآن والعترة « لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض » . والنفي التأبيدي للافتراق بين الكتاب والعترة لا يتحقّق إلاّ بديمومة أهل البيت وبقائهم إلى قيام الساعة ، وإلاّ لو فرض انقطاع أهل البيت وعدم وجودهم في زمان معيّن ، يلزم منه افتراق القرآن عن العترة ، وهو ينافي نصّ هذا الحديث المتواتر . يقول ابن حجر في الصواعق : « وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك . ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض . . . » [1] . الخصوصيّة الثانية : أنّ هؤلاء الخلفاء معيّنون بالنصّ مقتضى تشبيه الرسول صلّى الله عليه وآله الخلفاء بنقباء بني إسرائيل ، يدلّ على كون هؤلاء الخلفاء معيّنين بالنصّ ؛ لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ) ( المائدة : 12 ) . وهذا التنصيب تكشف عنه مسؤولية النقيب في الآية المباركة وهو كونه أميناً ومديراً لقومه . قال الرازي في ذيل هذه الآية : « يُقال نقيب القوم ، لأنّه ينقّب عن أحوالهم ، كما ينقّب الأسرار ، ومنه المناقب وهي الفضائل ، لأنّها لا تظهر إلاّ بالتنقيب عنها » .