الذين وصفهم بقوله : كلّهم يعمل بالهدى ودين الحقّ » . يحدّثنا المدائني في كتاب الأحداث أنّ معاوية كتب إلى عمّاله نسخة واحدة ، أن برئت الذمّة ممّن روى في فضل أبي تراب وأهل بيته ، وقام الخطباء بعد ذلك بالنيل من عليٍّ وأهل بيته ، حتّى أدّت هذه الحالة في الشام كما يقول ابن عساكر : « أن تختم مجالس الوعظ بشتم عليّ » [1] . وقال ابن أبي الحديد في ذيل قول عليّ عليه السلام ( أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجلٌ رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد . . . ألا وأنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي . . . ) : « إنّ معاوية أمر الناس بالعراق والشام بسبّ عليّ عليه السلام والبراءة منه . وذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ : أنّ معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة : اللّهُمَّ إنّ أبا تراب ألحَدَ في دينك ، وصدَّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذّبه عذاباً أليماً . وكتب بذلك إلى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يُشار بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبد العزيز . وروى أبو عثمان أيضاً أنّ قوماً من بني أميّة قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين ! إنّك قد بلغت ما أمّلت ، لو كففت عن لعن هذا الرجل ! فقال : لا والله حتّى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر له ذاكر فضلاً » [2] .
[1] تاريخ ابن عساكر : ج 3 ص 402 ، نقلاً عن : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، أسد حيدر ، دار الكتاب العربي : ج 1 ص 32 . [2] شرح نهج البلاغة ، لعزّ الدين أبي حامد عبد الحميد بن هبة الله المدائني الشهير بابن أبي الحديد ، المتوفّى سنة 656 ه - ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الأولى ، 1426 ه - 2005 م : ج 4 ص 44 .