أمّا أمثال الحسن والحسين عليهما السلام اللّذين هما سيّدا شباب أهل الجنّة ، وريحانتا رسول الله - بنصّ الفريقين من علماء المسلمين - فليسوا من أولئك العظماء الذين بُشّر بهم إسماعيل عليه السلام . بل حتّى أنّ الإمام عليّاً عليه السلام ليس من المقطوع به أنّه من الخلفاء الاثني عشر ، كما يعتقد ابن تيميّة ؛ قال : « وأمّا مروان وابن الزبير فلم يكن لأحد منهما ولاية عامّة ، بل كان زمنه زمن فتنة لم يحصل فيها من عزّ الإسلام وجهاد أعدائه ما يتناوله الحديث ، ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة عليّ من هذا الباب ، وقالوا لم تثبت بنصّ ولا إجماع » [1] . وقال في موضع آخر : « ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل ، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ عليّ بن أبي طالب ، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار ، ولا فتح مدينة ، ولا قتل كافراً ، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والتتار من المشركين وأهل الكتاب . . . فأيّ عزّ للإسلام في هذا ، والسيف يعمل في المسلمين ، وعدوّهم قد طمع فيهم ونال منهم . وأمّا سائر الأئمّة غير علي ، فلم يكن لأحد منهم سيف لا سيما المنتظر . . . » [2] . والحاصل أنّ ابن تيميّة يعتقد أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام ليسوا مصداقاً للعظماء الذين بُشِّر بهم إسماعيل عليه السلام ، نعم - في رأيه - أنّ معاوية الذي سنّ سبّ الإمام عليّ عليه السلام على منابر المسلمين لعشرات الأعوام ، هو المستحقّ لأن يكون أحد مصاديق خلفاء النبيّ صلّى الله عليه وآله
[1] منهاج السنّة : ج 4 ص 321 . [2] المصدر السابق : ج 4 ص 320 .