عبادٌ مكرمون لا يقدرون إلاّ ما أقدرهم الله عليه . نعم ، إنّ مثل هذه المقامات الرفيعة لأهل البيت عليهم السلام وأنّهم وسائط الفيض بين الله وبين خلقه ، قد تبدو غريبة لكثير من الناس ، لكن هذه الغرابة تزول بعد التوجّه إلى عجز الخلق عن معرفتهم كنههم وحقيقتهم ، لذا قال الإمام الرضا عليه السلام : « هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمّة فيجوز فيها اختيارهم ، إنّ الإمامة أجلّ قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم . . . » [1] . لذا ورد في جملة من الروايات المتقدّمة « اجعلوا لنا ربّاً نؤوب إليه وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا » . وعلى هذا الأساس ينبغي للمؤمن أن لا يتعجّل في ردّ ما ورد عنهم من فضائلهم ومقاماتهم ودرجاتهم ، إلاّ إذا كان ما نسب إليهم واقعاً في نطاق المستحيلات العقليّة أو كونه خلاف ضرورة الدِّين وإنّما عليه التسليم ، لذا ورد عن الحسين بن علوان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : « إنّ الله فضّل أُولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء ، وورّثنا علمهم ، وفضّلنا عليهم في فضلهم ، وعلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله ما لا يعلمون ، وعلّمنا علم رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فروينا لشيعتنا ، فمن قبله منهم فهو أفضلهم ، أينما نكون فشيعتنا معنا » [2] .
[1] الأصول من الكافي : ج 1 ص 199 ، كتاب الحجّة ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ، الحديث : 1 . [2] الخرائج والجرائح ، قطب الدِّين الراوندي ، الباب السادس عشر في نوادر المعجزات ، الحديث : 6 : ج 2 ص 796 .