عليهم السلام فيشرّعون ما يشاءون وما يريدون بصورة مستقلّة عن إرادة الله ومشيئته من دون وحي وإلهام . ولا ريب في وضوح بطلان هذا النحو من التفويض في التشريع ، لأنّ من اعتقد بأنّ لغيره سبحانه حقّ التقنين وأنّ بيده زمام التحليل والتحريم ، فإنّه اتّخذ سوى الله ربّاً ونسب ما هو فعل مختصّ به إلى غيره ، وتجاوز حدّ التوحيد بتعميم هذا الحقّ إلى غيره سبحانه ، وكان بذلك مشركاً . لكن ما نعتقده في هذا المجال ، أنّ الله سبحانه بعدما بيّن كثيراً من أحكام الوقائع ، وقام النبيّ صلّى الله عليه وآله بإبلاغ بعضها إلى الناس عموماً والبعض الآخر للأئمّة عليهم السلام ، وقاموا هم عليهم السلام ببيانها للناس ، إلاّ أنّ هناك بعض الموضوعات والحوادث أذِنَ الله لنبيّه صلّى الله عليه وآله أن يضع الحكم فيها من غير أن يوحى إليه فيه وحي . فالنبيّ صلّى الله عليه وآله يقوم بوضع بعض التشريعات بإذن منه تعالى في ضوء ما أدّبه سبحانه ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، فإنّهم يشرّعون بعض التشريعات التي لم يشرّعها الله تعالى ولا نبيّه صلّى الله عليه وآله ، على أساس ما أدّبهم الله تعالى ، بحيث لا يشرّعون شيئاً ولا يقولون إلاّ كان مطابقاً لما أراده الله سبحانه . وهذا المعنى من التفويض في التشريع أمرٌ معقول في نفسه ولا يلزم منه أيّ محذور ، لو دلّت الأدلّة على ثبوته لأحد ، كما سيتّضح . قال المجلسي : « إنّ التفويض في أمر الدِّين يُحتمل فيه وجهان : أحدهما : أن يكون الله تعالى فوّض إلى النبيّ والأئمّة عليهم السلام عموماً أن يحلّوا ما شاءوا ويحرّموا ما شاءوا من غير وحيٍ وإلهام ، أو أن يغيّروا ما أُوحي إليهم بآرائهم . وهذا باطل لا يقول به عاقل ، فإنّ النبيّ صلّى