الله عليه وآله كان ينتظر الوحي أيّاماً كثيرة لجواب سائل ولا يجيب من عنده ، وقد قال تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ( النجم : 3 - 4 ) . وثانيهما : أنّه تعالى لمّا أكمل نبيّه صلّى الله عليه وآله بحيث لم يكن يختار من الأمور شيئاً إلاّ ما يوافق الحقّ والصواب ولا يحلّ بباله ما يخالف مشيئته تعالى في كلّ باب ، فوّض إليه تعيين بعض الأمور كالزيادة في الصلاة وتعيين النوافل في الصلاة والصوم وطعمة الجدّ وغير ذلك ممّا مضى وسيأتي ، إظهاراً لشرفه وكرامته عنده ، ولم يكن أصل التعيين إلاّ بالوحي ، ولم يكن الاختيار إلاّ بإلهام ، ثمّ كان يؤكّد ما اختاره صلّى الله عليه وآله بالوحي ، ولا فساد في ذلك عقلاً » [1] . وقد دلّت على ذلك طائفة وافرة من النصوص الروائيّة ، منها : عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « إنّ الله خلق محمّداً صلّى الله عليه وآله عبداً ، فأدّبه حتّى إذا بلغ أربعين سنة أوحى إليه وفوّض إليه الأشياء ، فقال : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ( ( الحشر : 7 ) » [2] . عن زرارة أنّه « سمع أبا عبد الله الصادق أو أبا جعفر الباقر عليهما السلام يقول : إنّ الله فوّض إلى نبيّه أمر خلقه ، لينظر كيف طاعتهم ، ثمّ تلا هذه الآية : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ( » [3] . وقد ذكرت جملة من النصوص عدداً من التشريعات التي شرّعها النبيّ صلّى الله عليه وآله من غير أن يكون فيها شيءٌ من الوحي ، ثمّ أمضاها الله
[1] بحار الأنوار ، مصدر سابق : ج 25 ص 348 ، كتاب الإمامة ، باب نفي الغلوّ في النبيّ والأئمّة ، فذلكة . [2] بصائر الدرجات الكبرى ، مصدر سابق : ج 2 ص 228 ، باب التفويض إلى رسول الله ، الحديث : 1345 . [3] المصدر السابق : ج 2 ص 228 ، الحديث : 1346 .