1 - قوله تعالى : ( وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ( آل عمران : 49 ) ، فهي تشير إلى أنّ هذه الآيات المعجزة - وهي من أنحاء التصرّف في نظام التكوين - صدرت عنه صدوراً خارجيّاً ، لا أنّه كان مسوقاً لمجرّد الاحتجاج والتحدّي ، ولو كان كذلك لكان من حقّ الكلام أن يقيّد بقيد يفيد ذلك كقولنا : إن سألتم أو أردتم ونحوه . ثمّ نجد أنّ هناك تأكيداً وإصراراً من عيسى عليه السلام على أنّ كلّ ذلك إنّما هو بإذن الله تعالى ، للإشارة إلى أنّه مستند إلى الله تعالى من غير أن يستقلّ بشيء من ذلك « وإنّما كرّر تكراراً يشعر بالإصرار لما كان من المترقّب أن يضلّ فيه الناس فيعتقدوا بألوهيّته استدلالاً بالآيات المعجزة الصادرة عنه عليه السلام ، ولذا كان يقيّد كلّ آية يخبر بها عن نفسه ممّا يمكن أن يضلّوا به كالخلق وإحياء الموتى بإذن الله » [1] . 2 - قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( البقرة : 260 ) ، وهي صريحة أنّ هذا الإحياء الذي للطيور المتقطّعة الميّتة إنّما كان بدعوة إبراهيم عليه السلام لقوله : ( ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ) ولم يكن بسبب طلب إبراهيم منه تعالى أن يعيد فيها الحياة كما ذكره البعض . قال في الميزان : « قوله : فخذ ، فصرهن ، ثمّ اجعل ، بصيغة الأمر ، ثمّ
[1] الميزان في تفسير القرآن ، مصدر سابق : ج 3 ص 199 .