فقال عليه السلام : أما أنّك لو قلت غير هذا لضربت عنقك » [1] . سأل عباية بن ربعي الأسدي الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام عن الاستطاعة ، فردَّ عليه عليه السلام : إنّك سألت عن الاستطاعة ، فهل تملكها من دون الله أو مع الله ؟ فسكت عباية ولم يُحِر جواباً ، لأنّه لو قال : أملكها من دون الله ، فهذا هو التفويض الباطل ، ولو قال : أملكها مع الله ، فهو الشرك . وبين المحذورين لم يجد عباية مخرجاً إلاّ أن يلوذ بالصمت ، فما كان من الإمام عليّ عليه السلام إلاّ أن أعاد عليه الكرّة مجدّداً ، وهو يقول : قُل يا عباية ، قال : وما أقول يا أمير المؤمنين ؟ فهنا قال عليه السلام : تقول : « تملكها بالله الذي يملكها دونك ، فإن ملككها كان ذلك من عطائه ، وإن سلبكها كان ذلك من بلائه ، وهو المالك لما ملكّك والقادر على ما عليه أقدرك » [2] . يتّضح من هذه البيانات أنّ ملكيّة الإنسان لشيء إنّما هي بالله ، كما أنّ كلّ ما يقدر عليه فهو بإقدار الله ، وعندئذ لا يخرج ما عند الإنسان عن قدرة الله وسلطانه ومشيئته ، وفي ذلك ردٌّ صريح ومباشر على نظرية التفويض الاستقلالي ، وأنّه إذا كان هناك نحو من التفويض فهو بإقدار الله وتمليكه ، وهذا هو معنى الإذن الإلهي الذي ورد في عدد من النصوص القرآنيّة . شواهد قرآنيّة تحدّثت مجموعة من الآيات القرآنيّة عن أنّه تعالى أعطى لبعض عباده من الأنبياء وغيرهم الولاية والقدرة على التصرّف في الأمور التكوينيّة ، وإليك بعضها :
[1] التوحيد ، للصدوق : ص 343 ، باب الاستطاعة : 56 ، الحديث : 23 . [2] تحف العقول عن آل الرسول ، حكم ومواعظ أمير المؤمنين : ص 213 .