المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله ، دلَّ على أنّه إله ، ولمّا ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبّس ذلك عليهم وامتحنهم ليعرفوه ، وليكون إيمانهم اختباراً من أنفسهم . فقال الرضا عليه السلام : أوّل ما هاهنا أنّهم لا ينفصلون ممّن قَلَب هذا عليهم فقال : لمّا ظهر منه الفقر والفاقة ، دلَّ على أنّ مَن هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله ، فعلم بهذا أنّ الذي أظهره من المعجزات إنّما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين ، لا فعل المحدَث المشارك للضعفاء في صفات الضعف » [1] . وهنا لا بد أن يشار إلى أنّ قولهم عليهم السلام : « وقولوا فينا ما شئتم » ليس المراد منه أن يقال فيهم كلّ شيء وإن لم ينسجم مع القواعد العقليّة والنصوص القطعيّة والحقائق الطبيعيّة ، وإنّما المراد منه أنّ كمالاتهم ومقاماتهم فوق حدّ الإحصاء ، بل بعضها فوق ما تحتمله عقولنا وإدراكاتنا كما تقدّم . لذا جاء في بعض النصوص « ولن تبلغوا » . قال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تتجاوزوا بنا العبوديّة ، ثمّ قولوا ما شئتم ولن تبلغوا » [2] . وقال أيضاً معرّفاً نفسه لأبي ذر : « يا أبا ذر أنا عبد الله عزّ وجلّ وخليفته على عباده ، لا تجعلونا أرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون » [3] .
[1] الاحتجاج ، مصدر سابق : ج 2 ص 234 . [2] المصدر السابق : ج 2 ص 233 . [3] المصدر السابق : ج 26 ص 2 ، كتاب الإمامة ، باب نادر في معرفتهم ، الحديث : 1 .