تستره عمّن ليس من أهله ، وبحسبكم أن تقولوا ما قلنا وتصمتوا عمّا صمتنا ، فإنّكم إذا قلتم ما نقول وسلّمتم لنا فيما سكتنا عنه ، فقد آمنتم بمثل ما آمنّا به ، قال الله تعالى : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) » [1] . عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « خالطوا الناس بما يعرفون ، ودعوهم عمّا ينكرون ، ولا تحملوهم على أنفسكم وعلينا ، إنّ أمرنا صعبٌ مستصعب » [2] . من هنا نجد أنّ الفلاسفة والعرفاء أكّدوا هذه الحقيقة ، وأنّه لا ينبغي بيان هذه المعارف الدقيقة والعميقة إلاّ لأهلها ؛ قال ابن سينا في آخر « الإشارات » : « فإن وجدت من تثق بنقاء سريرته واستقامة سيرته وبتوقّفه عمّا يسرّع إليه الوسواس وبنظره إلى الحقّ بعين الرِّضا والصدق ، فأته ما يسألك منه مدرّجاً مجزّءاً مفرّقاً ، تستفرس ممّا تسلفه لما تستقبله ، وعاهده الله بأيمان لا مخارج لها ، ليجري فيما يأتيه مجراك متأسّياً بك ، فإن أذعت هذا العلم أو أضعته فالله بيني وبينك وكفى بالله وكيلاً » [3] . وقال الشيرازي : « اللّهُمَّ اجعل قبور هذه الأسرار صدور الأحرار ، وأحرسها عن استراق أسماع الأشرار المطرودة عن عالم الأنوار ، ربِّ اجعل هذه الكلمات في روضة من رياض الجنّة ، ولا تجعلها في حفرة من حفر النيران » [4] .
[1] المصدر السابق : ص 35 ، الحديث : 4 . [2] الخرائج والجرائح : ج 2 ص 794 ، الباب السادس عشر ، في نوادر المعجزات . [3] الإشارات والتنبيهات ، للشيخ أبي علي حسين بن عبد الله بن سينا ، الطبعة الثانية : 1403 ، في علم ما قبل علم الطبيعة : ج 3 ص 419 . [4] الشواهد الربوبيّة في المناهج السلوكيّة ، تأليف : محمّد بن إبراهيم صدر الدِّين الشيرازي ، مع حواشي الحكيم ملاّ هادي السبزواري ، تعليق وتصحيح ومقدّمة : سيّد جلال الدِّين اشتياني : ص 3 .