المتشابهات ، حتّى لا يقع الناس في الحيرة والاشتباه ، بل هو الأقرب إلى الغرض العامّ الذي من أجله ألقيت هذه الأحاديث ، وهي هداية الناس إلى الحقّ ؟ والجواب عن ذلك - كما أوضحناه في أصول التفسير [1] - أنّ وجود المتشابه في القرآن إنّما هو من اللوازم التي لا تنفكّ عن وجود التأويل ، وأنّ له مراتب طوليّة متعدّدة ، ظاهريّة وباطنيّة ، وأنّ للباطن باطناً إلى سبعة بواطن أو أكثر ، ولازم ذلك أنّ الله سبحانه لم يجعل الآيات بنحو تنقسم إلى محكمة ومتشابهة ، بحيث كان بالإمكان التحرّز عن ذلك ، حتّى يرد الاعتراض المتقدّم . فإذا ثبت أنّ أحاديثهم أيضاً لها ظاهر وباطن وسرّ وعلن ، كما نصّت على ذلك روايات متعدّدة ، منها : عن جابر عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : « إنّ أمرنا سرّ في سرّ ، وسرٌّ مستسر ، وسرّ لا يفيد إلاّ سرّ ، وسرّ على سرّ ، وسرّ مقنّع بسرّ » [2] . عن مرازم قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام : « إنّ أمرنا هو الحقّ ، وحقّ الحقّ ، وهو الظاهر ، وباطن الظاهر ، وباطن الباطن ، وهو السرّ ، وسرّ السرّ ، وسرّ المستسرّ ، وسرّ مقنّع بالسرّ » [3] . ولازم ذلك أن يكون لكلامهم محكم ومتشابه على حدّ محكم القرآن ومتشابهه . فمعنى ذلك أنّه كما أنّ للقرآن مرتبة لا يمكن الوقوف عليها من خلال
[1] أصول التفسير والتأويل : السيد كمال الحيدري ، مصدر سابق : ص 480 . [2] بصائر الدرجات الكبرى : ج 1 ص 76 ، باب في أنّ علم آل محمّد سرّ مستسرّ ، الحديث : 117 . [3] المصدر السابق : ج 1 ص 77 ، الحديث : 120 .