فقال : يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا عليّ وللأئمّة من بعدك ، وإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا . . . يا عليّ ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزّ وجلّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله ، لأنّ أوّل من خلق الله أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده » [1] . والحاصل كما ذكره بعض الأعلام من العرفاء أنّ « جهة الولاية هي جهة الحقّانيّة الإلهيّة والوحدة ، وجهة الرسالة والنبوّة جهة الإمكانيّة والخلْقيّة والكثرة ، فظهر أنّ جهة الولاية أشرف وأفضل من جهة النبوّة والخلافة إذا اجتمعت في شخص واحد أو لوحظت الجهات ، لا أنّ الوليّ أفضل وأكمل من النبيّ والرسول وأُولي العزم ، لوجدانهم الولاية الشديدة التامّة على حسب مراتبهم . وإذا تأمّلت فيما ذكرته حقّ التأمّل من أنّ منشأ التقدّم والشرافة هو خصوصيّات الولاية والكمال وشدّتهما وقوّتهما ، لا تشكّ أنّ تقدّم النبيّ والرسول على الوليّ ليس على إطلاقه وعمومه ، بل على الوليّ الذي يكون من أوصيائه وخلفائه وتوابعه وورثته ، لا من وليّ رسول آخر ووصيّه وخليفته وورثته وتابعه ، بل قد يكون ذلك الولي الذي يكون وصيّاً وخليفة وتابعاً لرسول آخر ، مرتبة ولايته ومقام قربه وكماله أعلى وأقوى وأشدّ من ذلك النبيّ والرسول ، وعلى هذا يكون ذلك الوليّ والوصيّ أقدم وأشرف وأكمل من ذلك النبيّ والرسول بدرجة أو درجات كثيرة .
[1] عيون أخبار الرضا : ج 1 ص 237 ، الباب : 26 ، ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار النادرة في فنون شتّى ، الحديث : 22 .