وأوضح الآلوسي هذين النحوين من العلم بقوله : « ينبغي أن يُراد من العلم الذي ذكر الخضر أنّه يعلمه هو ولا يعلمه موسى عليهما السلام بعض علم الحقيقة ، ومن العلم الذي ذكر أنّه يعلمه موسى ولا يعلمه هو عليهما السلام بعض علم الشريعة ، فلكلّ من موسى والخضر عليهما السلام علمٌ بالشريعة والحقيقة ، إلاّ أنّ موسى عليه السلام أزيد بعلم الشريعة ، والخضر عليه السلام أزيد بعلم الحقيقة » . ولازم ذلك أن يكون كلّ منهما أعلم من الآخر من وجه ، وهذا جار في جميع الأنبياء والمرسلين إلاّ خاتمهم محمّد صلّى الله عليه وآله ، كما قال الآلوسي فإنّه : « ما جمعت الحقيقة والشريعة إلاّ لنبيّنا محمّد صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم ولم يكن للأنبياء إلاّ أحدهما على معنى أنّها ما جُمعت على الوجه الأكمل إلاّ له صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم ، ولم يكن للأنبياء عليهم السلام - على ذلك الوجه - إلاّ أحدهما ، والحمل على أنّهما لم يجمعا على وجه الأمر بالتبليغ إلاّ لنبيّنا صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم ، فإنّه عليه الصلاة والسلام مأمور بتبليغ الحقيقة كما هو مأمور بتبليغ الشريعة ، لكن للمستعدّين لذلك » . ثمّ نقل الآلوسي عن السيوطي حقيقة في غاية الأهمّية وهي : « أنّ الأولياء قد يكون لأحدهم من علوم الولاية ما هو أكثر من علوم ولاية أُولي العزم من الرسل الذين هم أعلى منهم » ، وعلّق على ذلك بقوله : « وأنا أرى أنّ ما يحصل لهم من علم الحقيقة - بناءً على القول بأنّه من علوم الولاية - أكثر ممّا يحصل للأولياء الذين ليسوا بأنبياء » [1] . وهذا ما دلّلنا عليه في الفصل الثاني ، حيث أثبتنا أعلميّة وأفضليّة ورثة النبيّ صلّى الله عليه وآله وأوصيائه من باقي الأنبياء والمرسلين بما فيهم أولو
[1] روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، مصدر سابق : ج 15 ص 332 .